باب فى صلاة الليل
حدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا هشام عن الحسن عن سعد بن هشام قال : قدمت المدينة فدخلت على عائشة فقلت : أخبرينى عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قالت : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلى بالناس صلاة العشاء ثم يأوى إلى فراشه فينام فإذا كان جوف الليل قام إلى حاجته وإلى طهوره فتوضأ ثم دخل المسجد فصلى ثمان ركعات يخيل إلى أنه يسوى بينهن فى القراءة والركوع والسجود ثم يوتر بركعة ثم يصلى ركعتين وهو جالس ثم يضع جنبه فربما جاء بلال فآذنه بالصلاة ثم يغفى وربما شككت أغفى أو لا حتى يؤذنه بالصلاة فكانت تلك صلاته حتى أسن ولحم فذكرت من لحمه ما شاء الله وساق الحديث.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتورم قدماه؛ حتى يوفي شكر الله على نعمته وفضله عليه ما استطاع إلى ذلك سبيلا
وفي هذا الحديث يقول سعد بن هشام: "قدمت المدينة، فدخلت على عائشة، فقلت: أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: كيف كان قيامه الليل؟ قالت عائشة رضي الله عنها: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس صلاة العشاء ثم يأوي إلى فراشه"، أي: يذهب إلى مكان نومه، "فينام، فإذا كان جوف الليل"، أي: في ثلث الليل الآخر، "قام إلى حاجته"، أي: قضى حاجته من البول والغائط، "وإلى طهوره"، أي: ماء الوضوء، فتوضأ، "ثم دخل المسجد فصلى ثماني ركعات"، قالت عائشة رضي الله عنها: "يخيل إلي أنه يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود"، أي: يجعل كل ركن مساويا للآخر مثل القراءة والركوع والسجود، "ثم يوتر بركعة ثم يصلي ركعتين وهو جالس"، قيل: إنه صلى الله عليه وسلم صلى الوتر مشتملا فيه على ركعتين وهو جالس، وقيل: بل صلى عقب الوتر ركعتين، وهذا لا ينافي قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا"؛ لأن الأمر فيه أمر ندب، لا أمر إيجاب، فلا تعارض بينهما
قالت عائشة رضي الله عنها: "ثم يضع جنبه"، أي: يرقد منتظرا للفجر، "فربما جاء بلال فآذنه بالصلاة"، أي: أعلمه بها، "ثم يغفي"، أي: ينام نومة خفيفة، قالت عائشة: "وربما شككت أغفى أو لا"، أي: إنها لم تتأكد من إغفائه، "حتى يؤذنه"، أي: بلال "بالصلاة؛ فكانت تلك صلاته"، أي: صفة قيام ليله، "حتى أسن"، أي: كبرت سنه، "ولحم"، أي: زاد لحمه وثقل جسمه؛ إشارة إلى تخففه صلى الله عليه وسلم من طول الصلاة، قال سعد: "فذكرت من لحمه ما شاء الله"، أي: إن عائشة رضي الله عنها ذكرت وتكلمت في صفة اللحم وثقل جسمه صلى الله عليه وسلم
وقوله: "وساق الحديث"، أي: أخبر بباقي حديث سعد بن هشام ومقابلته لابن عباس وعائشة رضي الله عنهم بتفصيل مطول عن ذلك