باب ما يكره من الحرص على الإمارة
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم (1) المرضعة، وبئست الفاطمة (2) ".
848 - ومن طريق أخرى عن أبي هريرة قوله.
تَولِّي أمْرِ النَّاسِ والتَّأمُّرُ عليهم فيه تَكليفٌ بالقِيامِ بِمَصالِحِهم ورِعايَتِها بِحَسَبِ ما أَوْضَحه الشَّرعُ المُطهَّرُ، والإمارةُ ليْست تَرفُّعًا وتَجبُّرًا على النَّاسِ كما يَفعَلُ كَثِيرٌ مِن الأُمَراءِ الذين يَنْسَوْن حُقوقَ النَّاسِ، وتُصبِحُ الإمارةُ في نَظَرِهم مَغْنَمًا لهمْ ومَرْتعًا، فهؤلاء ستَكونُ الإمارةُ عليهم وَبالًا وخِزْيًا يومَ القيامةِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنَّكم سَتحرِصون على الإمارَةِ»، أي: سَيَأتي الزَّمانُ الذي يَحرِصُ النَّاسُ فيه على تَولِّي الإمارَةِ والرِّياسَةِ على النَّاسِ بأيِّ صُورةٍ مِن صُوَرِ الوِلاياتِ، وسَتَكون هذه الإمارةُ خِزْيًا ونَدَمًا لِمَن تَولَّاها ولم يُؤَدِّ حقَّها برِعايةِ أُمورِ النَّاسِ، بل ظَلَم وتَجبَّر وتَكبَّر، فكانت الوِلايةُ والإمارةُ له في الدُّنيا رِفعةً وعُلُوًّا، وستَكونُ له يومَ القيامةِ ذُلًّا وخِزيًا.
ولذلك قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «فَنِعْمَ المُرضِعَةُ وبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ»؛ فبِدَايتُها مُمَدَّحةٌ ومُحبَّبةٌ للنَّاسِ في الدُّنيا، فيكونُ الأميرُ كالرَّضيعِ الذي تُغذِّيه أُمُّه، وهي الإمارةُ، ولكنَّها في القيامةِ بِئْسَتِ الفَاطِمَةُ، أي: أنَّ عاقِبَتُها مَذْمومةٌ، وفي الدُّنيا أيضًا تكونُ عاقبتُها مَذمومةً بالعَزْلِ، أو القَتلِ، أو غيرِ ذلك.
وفي الحَديثِ: ذمُّ الحِرصِ على تَولِّي الإمارةِ.
وفيه: بَيانُ سُوءِ عاقِبَةِ مَن تولَّى أمورَ الناسِ ولم يَقُمْ بِحُقوقِهم.