باب ما يلزم من أحرم بالحج ثم قدم مكة من الطواف والسعي 2
بطاقات دعوية
عن عمرو بن دينار قال سألنا ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته فقال قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وبين الصفا والمروة سبعا وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. (م 4/ 53
كان التَّابِعونَ يَسألونَ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم فيما أشكَلَ عليهم مِن شَرائِعَ وعِباداتٍ، وكانوا مِن أحرَصِ النَّاسِ على تَعلُّمِ سُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي التَّابِعيُّ عَمرُو بنُ دِينارٍ أنَّهم سَألوا عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رضِي اللهُ عنهما: هل يَجوزُ أنْ يُجامِعَ الرَّجُلُ زَوجتَه وهو في العُمرةِ قَبلَ السَّعيِ بَينَ الصَّفا والمَروةِ؟ والأصلُ أنَّ الجِماعَ مِن مَحظوراتِ الإحرامِ -بل أشَدُّها- حتى يَقضيَ المُحرِمُ مَناسِكَه ويَحِلَّ منها، فأخبَرَه ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ، فطافَ بالبَيتِ الحرامِ سَبعةَ أشواطٍ، ثم صلَّى رَكعتَيْنِ خَلفَ مَقامِ إبراهيمَ، ثم سَعى بَينَ الصَّفا والمَروةِ، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، يُريدُ ابنُ عُمَرَ بذلك: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يكُنْ يَفعَلُ شيئًا مِمَّا ذكَرَه السَّائِلُ قَبلَ السَّعيِ بَينَ الصَّفا والمَروةِ.
ووَجهُ الاستِدلالِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَعَلَ العُمرةَ شَيئًا واحِدًا له أجزاءٌ: الطَّوافُ والصَّلاةُ خَلفَ المَقامِ، والسَّعيُ بَينَ الصَّفا والمَروةِ، فهذه أجزاءُ العُمرةِ؛ فلا يَصِحُّ أنْ يَقَعَ الرَّجُلُ على زَوجتِه بَينَ أجزائِها.
وقد سألَ عَمرُو بنُ دِينارٍ جابِرَ بنَ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أيضًا عن ذلك، فقال له جابِرٌ رَضيَ اللهُ عنه: لا يَقرَبِ الرَّجُلُ امرأتَه حتى يَطوفَ بَينَ الصَّفا والمَروةِ، ويُتِمَّ عُمرَتَه بكُلِّ نُسُكِها، ويَحلِقَ أو يُقصِّرَ شَعرَه، ثم له أنْ يَتحلَّلَ ويُباشِرَ ما يَحِلُّ له.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ إطلاقِ لَفظِ (الطَّوافِ) على السَّعيِ بَينَ الصَّفا والمَروةِ.