باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب 2
بطاقات دعوية
عن أنس رضي الله عنه قال: كان الرجل يجعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - النخلات؛ حتى افتتح قريظة والنضير، [فكان بعد ذلك يرد عليهم 4/ 52]، وإن أهلى أمرونى أن آتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسأله الذين كانوا أعطوه أو بعضه، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - قد أعطاه أم أيمن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب فى عنقى تقول: كلا والذى لا إله إلا هو؛ لا يعطيكهم وقد أعطانيها -أو كما قالت- والنبى - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لك كذا». وتقول: كلا والله. حتى أعطاها -حسبت أنه قال:- «عشرة أمثاله». أو كما قال.
أحَلَّ اللهُ سُبحانَه وتعالَى لنَبيِّه قَبولَ الهَديَّةِ، وكان أصْحابُه يُسارِعونَ في إهْدائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ مُواساةً له، وتَقرُّبًا إلى اللهِ تعالَى بذلك.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الرَّجلَ مِن أصْحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَجعَلُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّخَلاتِ، أي: يُخصِّصُها له؛ ليَأخُذَ ثِمارَها، وهذا مِن بابِ الهَديَّةِ، لا مِن بابِ الصَّدَقةِ؛ لأنَّها مُحرَّمةٌ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فلمَّا فتَحَ اللهُ على المُسلِمينَ قُرَيْظةَ والنَّضيرَ، واتَّسعَتِ الأرْزاقُ؛ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يرُدُّ على صاحبِ كلِّ نَخلٍ ما أهداهُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حيث كان اليَهودُ يَملِكونَ أرْضًا وزِراعةً، ونَخيلًا في المَدينةِ، فصارَتْ للمُسلِمينَ بعْدَ جَلائِهم، وكان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَصيبٌ منها، بعْدَ أنْ قسَّمَ أرضَ بَني النَّضيرِ على المُهاجِرينَ، فصار عندَه ما يُغْنيه ويُغْني فُقَراءَ المُسلِمينَ.
وبَنو قُرَيْظةَ وبَنو النَّضيرِ قَبيلَتانِ مِن قَبائلِ اليَهودِ، كانَتا تَسكُنانِ المَدينةَ النَّبويَّةَ قبْلَ هِجْرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليها، ولَمَّا هاجَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدينةِ عقَد معَهما عَهدًا، ولكنَّهما نَقَضَا عَهدَهما كعادةِ اليَهودِ، فأجْلاهما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنها.
وفي الحَديثِ: حُبُّ الصَّحابةِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومُسارَعَتُهم في رِضاه.
وفيه: حُسنُ خُلقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وطِيبُ شَمائلِه بمُكافَأتِه مَن بادَرَه بخَيرٍ، وقدَّمَ له جَميلًا.
وفيه: ردُّ العاريَّةِ والسَّلفِ بعْدَ الاستِغْناءِ عنها.