باب مسح الأذنين مع الرأس وما يستدل به على أنهما من الرأس 1

سنن النسائي

باب مسح الأذنين مع الرأس وما يستدل به على أنهما من الرأس  1

أخبرنا مجاهد بن موسى قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال حدثنا بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس قال : توضأ رسول الله صلى الله عليه و سلم فغرف غرفة فمضمض واستنشق ثم غرف غرفة فغسل وجهه ثم غرف غرفة فغسل يده اليمنى ثم غرف غرفة فغسل يده اليسرى ثم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى 
قال الشيخ الألباني : حسن صحيح 

كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَحرِصون على اتِّباعِ السُّنةِ النَّبويَّةِ وتَعلُّمِها، وتَعليمِها لِمَن بعْدَهم مِن المُسلمينَ بالقَولِ والفِعلِ، ومِن ذلِك صِفةُ وُضوءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ حَبْرُ الأُمَّةِ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما صِفةً مِن صِفاتِ الوُضوءِ بَيانًا عمَليًّا؛ فبدَأَ بغَسلِ وَجْهِه، لكنِ المرادُ بالوجْهِ أوَّلًا ما هو أعمُّ مِن المَفروضِ والمَسنونِ؛ بدَليلِ أنَّه أعادَ ذِكرَه ثانيًا بعْدَ ذِكرِ المَضمضةِ ِ بغَرْفةٍ مُستقِلَّةٍ، فبَدَأَ في غَسلِ وَجْهِه بالمَضمضةِ، وهي: تَحريكُ الماءِ في الفمِ، ثمَّ إلْقاؤُه، ثمَّ الاستِنشاقِ، ويكونُ بإدخالِ الماءِ في الأنفِ ثمَّ نَثْرِه منه؛ لتَنظيفِ داخلِ الأنْفِ.ثمَّ أخَذَ غَرفةً واحدةً مِن الماءِ بيَدٍ واحدةٍ، ثمَّ جَعَلَ هذا الماءَ في كَفَّيْه، فغسَلَ بها وجْهَه مرَّةً واحدةً باليَدينِ جَميعًا؛ لأنَّ اليَدَ الواحدةَ قدْ لا تَستوعِبُه، وحدُّ الوجْهِ طُولًا: مِن مَنْبِتِ شَعَرِ الرَّأسِ إلى الذَّقنِ واللِّحيةِ، وعَرْضًا: مِن الأُذُنِ إلى الأُذُنِ الأُخْرى، ثمَّ أخَذَ غَرْفةً مِن ماءٍ، فغسَلَ بها يَدَه وذِراعَه اليُمنى، وذلك إلى المِرْفقِ، ثمَّ أخَذَ غَرفةً مِن ماءٍ، فغسَلَ بها يَدَه وذِراعَه اليُسرى إلى المرفقِ، ثمَّ مسَحَ برَأسِه، والمَسحُ دونَ الغَسلِ وأقلُّ منه، والمرادُ بالرَّأسِ: مَنابتُ شَعرِ الرَّأسِ. وفي رِوايةِ أبي داودَ: «ثمَّ قَبَضَ قَبْضةً مِن الماءِ، ثمَّ نَفَضَ يَدَه، ثمَّ مَسَحَ رَأْسَه»، وفي رِوايةٍ أُخرى لأبي داودَ: «مَسَحَ برَأْسِه وأُذنَيه، ظاهِرِهما وباطِنِهما».ثمَّ أخَذ غَرْفةً مِن ماءٍ فرَشَّ على رِجلِه اليُمنى، أي: فصَبَّ الماءَ قَليلًا قَليلًا حتَّى غسَلَها، ثمَّ أخَذَ غَرْفةً أُخرى فغسَل بها رِجلَه اليُسرى، وذلك إلى الكَعبينِ، كما وَرَدَ في الرِّواياتِ. وقيل: لعلَّ الغرَضَ مِن ذِكرِ الرَّشِّ دونَ الغَسلِ بَيانُ تَقليلِ الماءِ في العضْوِ الذي هو مَظِنَّةٌ للإسرافِ فيه، ويُؤيِّدُ ذلك قولُه: «حتى غَسَلَها»؛ فإنَّه قَرينةٌ على أنَّ المُرادَ مِن الرَّشِّ هو الغَسلُ، ثمَّ قال عَبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما بعدَ انتهائِه: هكذا رَأَيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتوضَّأُ؛ فإنَّ وُضوءَه رَضيَ اللهُ عنه كان مُحاكاةً ومُطابَقةً لوُضوءِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَعليمًا لمَن حَولَه مِن التابعينَ والآخِذين لسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

وفي الحديثِ: أنَّ التَّعليمَ بالعمَلِ أكثَرُ فائدةً مِن التَّعليمِ بالقَولِ