باب من ادعى إلى غير أبيه
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر".
اهتَمَّ الإسلامُ بأمْرِ الأنسابِ، وأمَرَ بحِفظِها وصِيانتِها، وشرَّعَ مِن التَّشريعاتِ ما تُصانُ به مِن التَّداخُلِ، ومِن هذه التَّشريعاتِ تَحريمُ أنْ يَنتسِبَ المرْءُ لغَيرِ أبيهِ.
وفي هذا الحديثِ وَعيدٌ شَديدٌ مِنَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَنْ رَغِبَ عَن أبيهِ، فَانتسبَ إلى غيْرِه؛ فإنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصَفَ هذا الفِعلَ بأنَّه كُفرٌ، وليس المرادُ الكفرَ الَّذي يُخلَّدُ صاحبُه في النَّارِ، وإنَّما المرادُ الكُفرُ بِالنِّعمةِ؛ إذ أنْكرَ حقَّ أبيهِ عليه، وفعَل ما يُشبِهُ أفْعالَ أهلِ الكُفرِ، وإنِ استحَلَّ ذلك خرَج عنِ الإسْلامِ، أو المرادُ التَّغليظُ والتشنيعُ عليه لزَجرِ فاعلِه؛ إعظامًا لذلك، وقدْ يُعْفى عنه، أو يَتوبُ فيَسقُطُ عنه العِقابُ.
وقدْ كانت العربُ قبْلَ الإسلامِ لا يَستنكِرونَ أنْ يَتبنَّى الرَّجلُ منهم غيْرَ ابنِه، ويَنسُبَه إليه، ولم يزَلْ ذلك أيضًا في أوَّلِ الإسلامِ حتَّى أنْزَلَ اللهُ: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4]، وأنزل: {ادْعُوهُم لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]، فأمَرَ بِنسبةِ الابنِ إلى أبيهِ، ونهى عَن نِسبتِه إلى غيرِه.
وفي الحَديثِ: إطْلاقُ الكُفرِ على المَعاصي، وأنَّها تُنافي كَمالَ الإيمانِ.