باب من حدث عن رسول اللهﷺحديثا وهو يرى أنه كذب 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع (ح)
وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن سمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من حدث عني حديثا وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين" (1).
يَنبغِي التَّحرِّي والتَّثبُّتُ في نَقْلِ حديثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على تَمامِه، ولِمَن حرَص على ذلك أجرٌ عظيمٌ، وللمُتهاوِنِ به وِزرٌ جَسيمٌ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن حدَّث عنِّي"، أي: عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "حديثًا وهو يُرى" بالضَّمِّ أي يَظُنُّ، وبالفتحِ بمعنى يَعلَمُ، "أنَّه كَذِبٌ"، أي: لم يَقُلْه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "فهو أحَدُ الكاذِبَينِ"، بالتَّثنيةِ، أي: الكاذِبُ والنَّاقلُ عنه، وعلى الجمعِ؛ أي: بعدَدِ النَّقَلةِ للحديثِ الَّذي لم يَقُلْه.
والمعنى: أنَّه شارَك في الإثمِ، وهو أحَدُ الوضَّاعين والكاذِبين، يعني: أنَّ الكاذِبَ الأوَّلَ الَّذي أنشأَ الخبرَ والثَّاني هو الَّذي حدَّث به وهو يَظُنُّ أو يعلَمُ أنَّه كَذبٌ، فهو أحَدُ الكاذِبَين، وهو مِن جُملةِ الكاذِبِين ومن جُملةِ الوضَّاعِين، والكذبُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن أشدِّ أنواعِ الكَذِبِ وليس كالكذِبِ على أحدِ الناسِ.
وفي الحديثِ: الزَّجرُ الشَّديدُ في نقلِ حَديثٍ عَلِمَ أو ظَنَّ أنَّه كذَب على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والتَّحذيرُ الشَّديدُ مِن التَّحديثِ بالضَّعيفِ أو الموضوعِ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلَّا على وجهِ البيانِ بأنَّه ليس بصَحيحٍ.