باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم
بطاقات دعوية
عن عُقبةَ [بن الحارث رضي الله عنه] قالَ:
صلَّيتُ وراءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ العصرَ، فسلَّمَ، ثم قامَ مسْرعاً، فتخطَّى رقابَ الناس، إلى بعضِ حُجَرِ نساءِه، ففَزِعَ الناسُ من سُرعتهِ، فخرجَ عليْهم، فرأى أنهم عَجِبوا منْ سُرعته، فقالَ:
"ذكرتُ [وأَنا في الصلاةِ] شيئاً منْ تِبْرٍ عندَنا، فكَرهتُ أنْ يَحبسَني (وفي روايةٍ: أن يُمسيَ، أو يَبيتَ عندنا)، فأمَرتُ بقِسمتهِ".
الأَوْلى بالمسلمِ أن يُبادِرَ بأداءِ الواجباتِ والتَّكاليفِ الَّتي عليه، لاسيَّما حقوقِ العِبادِ، وقد كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُدوةَ والأُسْوةَ في ذلك، فيَحكي عُقْبةُ بنُ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه صلَّى وراءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمدينةِ العَصرَ، فسَلَّم، ثُمَّ قامَ مُسرِعًا فتَخَطَّى وتجاوَزَ رِقابَ النَّاسِ إلى بَعضِ حُجَرِ نِسائِه، فلاحَظَ أنَّهم قَد تَشَوَّشوا مِن فِعلِه هذا، فشَرَح لهُم سَبَبَ ذلِك، فقال: ذَكَرتُ شَيئًا مِن تِبرٍ عِندَنا، أي: تَذَكَّرتُ وُجودَ بَعضِ الذَّهَبِ في بَيتي؛ فكَرِهتُ أن يَحبِسَني، بمعنى: أن يَشغلَني التفكُّرُ فيه عن التَّوَجُّهِ والإقبالِ على اللهِ تعالى، أو أن أُحبَسَ به يَومَ القيامةِ، فأحْضَرتُه لآمُرَ بقِسمتِه.
وفي الحديثِ: أنَّ مَن حَبَسَ صَدقةَ المُسلمينَ مِن وصيَّةٍ أو زَكاةٍ أو شبهِهِما يُخافُ علَيه أن يُحبَسَ في القيامةِ. وفيه: المُبادرةُ لأداءِ القُرباتِ، وفِعلِ الخَيراتِ.
وفيه: فَضلُ تَعجيلِ إيصالِ البِرِّ، والتَّحذيرُ مِن تأخيرِه.
وفيه: مشروعيَّةُ انصرافِ الإمامِ إذا سلَّمَ قبْلَ انصرافِ الناسِ إذا لم يُلحِقْ بالنَّاسِ ضررًا.
وفيه: مشروعيَّةُ التخطِّي بما لا غِنى بالإنسانِ عنه.