باب من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه
بطاقات دعوية
فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة فدخل أبو بكر، فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف، ودلى رجليه في البئر، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم، وكشف عن ساقيه ثم رجعت فجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا (يريد أخاه) يأت به فإذا إنسان يحرك الباب فقلت: من هذا فقال: عمر بن الخطاب فقلت: على رسلك ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسلمت عليه، فقلت: هذا عمر بن الخطاب يستأذن فقال: ائذن له وبشره بالجنة فجئت،
كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بالخير، وكان يخص بعضهم ببعض البشارات، أو ببعض النذارات التي ستقع عليه في المستقبل؛ حتى يكون الناس على بينة من أمرهم
وفي هذا الحديث يروي أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنه توضأ في بيته، ثم خرج في عزم ونية أن يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون معه طوال اليوم؛ رغبة في التعلم والأخذ من سنته صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى المسجد، فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: «خرج ووجه هاهنا»، أي: جهة كذا
فخرج أبو موسى رضي الله عنه على إثره يتبعه ويسأل عنه، حتى وجده دخل بئر أريس، وهو بستان بالقرب من قباء. فجلس عند بابها -وكان مصنوعا من الجريد- حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته، وهذا كناية عن البول والبراز، ثم توضأ، فقام إليه أبو موسى رضي الله عنه، فإذا هو جالس على بئر أريس، وتوسط «قفها»، أي: حافة البئر، فسلم عليه، ثم انصرف فجلس عند الباب، وقال: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فدفع الباب مستأذنا في الدخول، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: «على رسلك»، أي: تمهل وتأن، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن في الدخول عليك، فقال: ائذن له، وبشره بالجنة، فأقبلت حتى قلت لأبي بكر رضي الله عنه: ادخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر رضي الله عنه، فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف، ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم، وكشف عن ساقيه، ثم رجعت فجلست على الباب، وقد تركت أخي -أبا بردة عامرا أو أخي أبا رهم- يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا -يريد أخاه أبا بردة، أو أبا رهم- يأت به؛ وذلك حتى تناله بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، ثم أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فحدث معه مثل ما حدث مع أبي بكر رضي الله عنه، فدخل وجلس عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعده أتى عثمان بن عفان رضي الله عنه، فحدث معه أيضا مثل ما حدث مع أبي بكر وعمر، إلا أن عثمان رضي الله عنه بشر بالجنة على بلوى تصيبه، وهي البلية التي صار بها شهيد الدار من أذى المحاصرة والقتل وغيره، ولما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وجد القف قد ملئ، فجلس مقابل النبي صلى الله عليه وسلم من الشق الآخر. قال سعيد بن المسيب: «فأولتها قبورهم»، أي: فسرت جلستهم على تلك الهيئة بقبورهم، حيث دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما في حجرة واحدة، وهي حجرة عائشة، وقبر عثمان رضي الله عنه في البقيع، وهي مدافن أهل المدينة
وفي الحديث: فضل ومنقبة لأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم
وفيه: حرص الصحابة على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم