باب من قال خطب يوم النحر

باب من قال خطب يوم النحر

حدثنا مؤمل - يعنى ابن الفضل - الحرانى - حدثنا الوليد حدثنا ابن جابر حدثنا سليم بن عامر الكلاعى سمعت أبا أمامة يقول سمعت خطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنى يوم النحر.

كان المشركون يحجون كل سنة، وكان بعضهم يطوف بالبيت عريانا، فما إن فتح الله مكة أمر نبيه أن يمنع كل أفعال الجاهلية حول البيت، وأن يعلن البراءة من الشرك والمشركين
وفي هذا الحديث يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "بعثني أبو بكر في تلك الحجة" وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر رضي الله عنه على هذه الحجة، في السنة التاسعة من الهجرة، وهي الحجة التي قبل حجته صلى الله عليه وسلم، فأرسل أبو بكر رضي الله عنه فيها جماعة منهم أبو هريرة رضي الله عنه "في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان"، أي: يعلمون الناس وينادون فيهم أن البيت الحرام لن يقربه بعد هذا اليوم مشرك، ولن يطوف بالبيت عريان، ومنى: واد قرب الحرم المكي ينزله الحجاج ليرموا فيه الجمار، "ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمره أن يؤذن ببراءة"، أي: بعثه بعد أبي بكر رضي الله عنه يقرأ على الناس سورة براءة؛ لينقض عهد المشركين، وبراءة هي سورة التوبة، وأن ينادي أيضا بمثل ما بعث به أبو بكر رضي الله عنه. قال أبو هريرة رضي الله عنه: "فأذن علي معنا يوم النحر" يوم عيد الأضحى في اليوم العاشر من ذي الحجة "في أهل منى ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان".
قال المصنف: "وروى الناس عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: لما نزلت براءة"، أي: أول سورة التوبة "على رسول الله عليه السلام كان بعث أبا بكر ليقيم للناس الحج، قيل له: يا رسول الله لو بعثت به إلى أبي بكر؟ فقال: لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي"، أي: لا يقوم مقامه في تلك الأمور من نقض عهد أو إبرامه إلا رجل من أهله وقرابته، وقيل: كان من عادة العرب أن يقوم بإبرام العهود أو نقضها سيد القوم، أو من ينوب عنه من قرابته، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم على عادتهم في ذلك، "ثم دعا عليا فقال له: اخرج بهذه القصة من صدر براءة"، أي: من أول سورة التوبة "وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى أنه لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله عهد، فهو له إلى مدته"، أي: من أبرم عهد أمان مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك؛ فهو في عهده وأمانه إلى آخر المدة المتفق عليها، ثم بعد ذلك لا عهد له، "فخرج على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدرك أبا بكر"، أي: لحق به في الطريق، "فقال له أبو بكر حين رآه: أمير أم مأمور؟"، أي: بأي صفة بعثك النبي صلى الله عليه وسلم، وهل بعثك لتكون أميرا على الحج بدلا مني أم بعثك بأمر تبلغه، فأنت مأمور به "فقال: بل مأمور، ثم مضى"، أي: ذهب معه؛ ليبلغ ما أمر به
وفي الحديث: فضيلة ومنقبة لأبي بكر، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما
وفيه: أن موسم الحج تبرز فيه المفاصلة التامة مع أهل الشرك والكفر