باب من كره أن يقال للمغرب العشاء
بطاقات دعوية
عن عبد الله المزني أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
" لا تَغلِبنَّكُم الأَعرابُ على اسمِ صلاتِكمُ المغربُ"، قالَ: ويقولُ الأعرابُ: هي العشاءُ.
مِن الأدَبِ مع اللهِ ورسولِه الوُقوفُ بأسماءِ الأشياءِ حيثُ سمَّاها اللهُ عزَّ وجلَّ ورسولُه، لا سيَّما أسماءِ الصَّلَواتِ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مُغفَّلٍ المُزَنيُّ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: لا تَغلِبنَّكُم الأَعرابُ، يعني: أعرابَ الجاهِليَّةِ على اسمِ صلاتِكُم المَغرِبِ -والأَعْرابُ هُم: ساكنو الصَّحْراءِ مِن العرَبِ الَّذين لا يُقِيمونَ في الأمْصارِ، ولا يَدْخُلونَها إلَّا لحاجةٍ، والعرَبُ اسمٌ لهذا الجيلِ مِن النَّاسِ، وسَواءٌ أقامَ بِالباديةِ أو المُدنِ- والمعنى: لا تَتعرَّضوا لِمَا هو مِن عاداتِهمْ أنَّهم يُسَمُّونَ المغرِبَ بالعِشاءِ، فلا تُكثِروا استِعمالَ العِشاءِ على المغرِبِ على وَفْقِ استِعمالِهم؛ فإنَّهم كانوا يَعْكِسون في التَّسميةِ، ويُسَمُّون العِشاءَ العَتَمةَ، لكَونِهم يعتمون بحِلابِ الإبِلِ ويؤَخِّرونَه إلى شِدَّةِ الظَّلامِ، فجاءَ الشرعُ بإصلاحِ ذلك، وعَلَّمَهم الاسمَ المناسِبَ لكلِّ صلاةٍ.
وفي الحديثِ: ذمُّ تَسمِيةِ المغرِبِ بالعِشاءِ.
وفيه: أنَّ الأسماءَ الشَّرعيَّةَ إذا خالفَتِ الأسماءَ العُرفيَّةَ يَنبغي أن تُقَدَّمَ الشَّرعيَّةُ على العُرفيَّةِ.
وفيه: أنَّه يَنبغي للمُسلِمِ ألَّا يقلِّدَ الجاهليَّةَ حتَّى في الأسماءِ، بل يتَّبِع الشَّرعَ في جميعِ أمورِه؛ فإنَّ للشَّارِعِ حِكمةً في اختيارِ الأسماءِ وغيرِها، فلا يَنبَغي العُدولُ عنه.