باب من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق قال عبد الله بن المبارك فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3). (م 6/ 49
الغَزْوُ هو الخروجُ للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، وهو مِن كَمالِ الإيمانِ وتَمامِه، وبالجهادِ تَرتفِعُ كَلمةُ اللهِ ويُنشَرُ دِينُه، ويُحفَظُ على المسْلِمين وَحْدتُهم وقُوَّتُهم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن ماتَ ولم يَغْزُ» أي: لم يَخرُجْ للجهادِ والقتالِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ طُوالَ عُمرِه وحَياتِه، «ولم يُحَدِّثْ به نفْسَه» أي: لم يُوجِّهْ هِمَّتَه إليه ولم يَتمَنَّ مُباشَرةَ الجهادِ والغزوِ مع القُدرةِ عليه، «ماتَ على شُعبةٍ مِن نِفاقٍ»، أي: أشْبَهَ المنافقينَ المتخلِّفِين عن الجهادِ في هذا الوصفِ؛ فإنَّ تَرْكَ الجهادِ أحدُ شُعَبِ النِّفاقِ، ويُحتمَلُ إرادةُ النِّفاقِ الأكبَرِ؛ لأنَّ الَّذي لا يُريدُ نُصرةَ المسْلِمين مُنافِقٌ.
وهذا مِن الحثِّ على الغَزوِ وعلى تَحديثِ النَّفْسِ به، ويكونُ الغَزْوُ والحربُ والجهادُ لِمَن يَستطيعُ، أمَّا تَحديثُ النَّفْسِ لمَن عَجَزَ عنه وحِيلَ بيْنه وبيْنَه؛ فإنَّه يَنبغي أنْ يُحدِّثَ نَفسَه به ويَكونُ على نِيَّةِ الجِهادِ والغَزْوِ، بحيثُ إنَّه لو تَيسَّرَ له لفَعَلَه في أيِّ وقتٍ.
كما أنَّ في الحديثِ تحذيرًا شديدًا مِن تَرْكِ الغَزوِ إذا كان مُستطيعًا وقادرًا عليه، ومِن تَركِ تَحديثِ النَّفسِ به لِمَنْ لم يَكنْ مُستطيعًا له.