باب من وصل وصله الله
بطاقات دعوية
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"الرحم شجنة، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته".
الأرحامُ: همْ أقاربُ الإنسانِ، وكلُّ مَن يَربِطُهم رابطُ نسَبٍ، سواءٌ أكان وارثًا لهم أو غيرَ وارثٍ، وتَتأكَّدُ الصِّلةُ به كُلَّما كان أقرَبَ إليه نَسَبًا. وصِلةُ الرَّحمِ مِن أفضلِ الطَّاعاتِ الَّتي يَتقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه، وقدْ أمَرَ اللهُ تعالَى بها، وبيَّنَ أنَّ وَصْلَها مُوجِبٌ للمَثوبةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الرَّحِمَ شِجْنَةٌ، أي: شُعبةٌ متَّصلةٌ، «مِن الرَّحمنِ»؛ لأنَّ اسمَها مُشتَقٌّ مِن اسمِ الله: الرَّحمنِ، كما في الحَديثِ القُدسيِّ عند الترمذيِّ: «أنا الرَّحمنُ، خلْقُتُ الرَّحِمَ وشَقَقتُ لها اسمًا مِن اسمِي». والشِّجْنةُ في الأصلِ: عُروقُ الشَّجرِ المشتَبِكةُ، والمرادُ هنا: أنَّها مُشتقَّةٌ «مِن الرَّحمنِ»، أي: مِن اسمِ الرَّحمنِ، فكأنَّها مُشتبِكةٌ بمَعاني الرَّحمةِ به اشتِباكَ العُروقِ؛ لكَونِها مِن أصلٍ واحدٍ.
ثُمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن تَعظيمِ اللهِ تعالَى لصِلةِ الرَّحِم؛ فإنَّ مَن وصَلها وصَلَه اللهُ تعالى ببِرِّه وإحسانِه ونُصرتِه، ومَن قطَعَها قطَعَه اللهُ تعالَى مِن بِرِّه وإحسانِه وعَوْنِه وتَوفيقِه ورحْمتِه.
وقد ورَدَ الحثُّ فيما لا يُحصى مِن النُّصوصِ الشَّرعيَّةِ على صِلةِ الرَّحِمِ، ولم يَرِدْ لها ضابطٌ؛ فالمُعوَّلُ على العُرفِ، وهو يَختلِفُ باختلافِ الأشخاصِ والأحوالِ والأزمنةِ، والواجبُ منها ما يُعَدُّ به في العُرفِ واصِلًا، وما زادَ فهو تفضُّلٌ ومَكرُمةٌ، وأظهرُها: مُعاوَدتُهم، وبذْلُ الصَّدَقاتِ في فُقَرائِهم، والهَدايا لأغنيائِهم.
وفي الحَديثِ: مُراعاةُ الرَّحمنِ جلَّ وعلَا للرَّحِم، وتَعظيمُ قدْرِها بهذا الاسمِ المشتَقِّ مِن اسمٍ مِن أسمائِه.
وفيه: الحَثُّ على التراحُمِ بين النَّاسِ وصِلةِ الأرحامِ بينهم.
وفيه: التحذيرُ الشَّديدُ من قَطْعِ الأرحامِ بين النَّاسِ.