باب نزول السكينة لقراءة القرآن
بطاقات دعوية
حديث أسيد بن حضير، قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكتت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت وسكتت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره، رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريبا، فرفعت رأسي فانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: [ص:154] وتدري ما ذاك قال: لا؛ قال: تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى منهم
كان الصحابة رضي الله عنهم يتلون كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ابتغاء مرضاة الله، ومن ذلك ما رواه أسيد بن حضير رضي الله عنه في هذا الحديث، حيث أخبر أنه بينما يقرأ في الليل سورة البقرة، وكانت فرسه مربوطة في بيته، إذ جالت الفرس، أي: اضطربت اضطرابا شديدا وتحركت بعنف، ولما وجد أسيد رضي الله عنه ذلك الاضطراب منها، سكت عن القراءة، فسكنت الفرس عن الاضطراب، وتكرر ذلك منها كلما استمر في القراءة، فانصرف أسيد رضي الله عنه من الصلاة أو من القراءة، وكان ابنه يحيى في ذلك الوقت قريبا من الفرس، فخاف أسيد رضي الله عنه أن تصيب ابنه يحيى، فأبعده من المكان الذي هو فيه حتى لا تصيبه الفرس، ثم رفع رأسه إلى السماء، فكأنه وجد حاجزا يحول بينه وبين السماء حتى ما يراها، فلما أصبح أسيد رضي الله عنه حدث النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال له عليه الصلاة والسلام: «اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير» مرتين، وهذا ليس أمرا بالقراءة، بل المعنى: كان ينبغي لك أن تستمر على قراءتك وتغتنم ما حصل لك من نزول السكينة والملائكة وتستكثر من القراءة التي هي سبب بقائها، فبين له أسيد رضي الله عنه أنه خشي أن تصيب الفرس ابنه يحيى، وكان حينئذ قريبا منها، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما رفع نظره إلى السماء «فإذا مثل الظلة»؛ قيل: هي السحابة التي كانت فيها الملائكة ومعها السكينة، وكان فيها مثل المصابيح في الإضاءة، فسأله عليه الصلاة والسلام: «وتدري ما ذاك؟ قال: لا، قال: تلك الملائكة دنت» أي: قربت لصوتك، «ولو قرأت»، أي: ولو دمت على قراءتك لأصبحت الملائكة عندك تستمع لقراءتك حتى ينظر الناس إليها لا تستتر منهم ولا تختفي عن أعينهم!
وفي الحديث: فضيلة قراءة القرآن وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة
وفيه: منقبة لأسيد بن حضير رضي الله عنه
وفيه: فضل قراءة سورة البقرة في صلاة الليل، وفضل الخشوع في الصلاة