باب نسخ نكاح المتعة وتحريمها 3

بطاقات دعوية

باب نسخ نكاح المتعة وتحريمها 3

عن سبرة الجهني - رضي الله عنه - أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها (3) ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا (4). (م 4/ 132

زَواجُ المُتْعةِ هو الزَّواجُ المؤقَّتُ بمُدَّةٍ مُعيَّنةٍ بلَفظِ التَّمتُّعِ على قَدْرٍ مِنَ المالِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي قد كُنتُ أَذِنتُ لكم في الاسْتِمتاعِ مِنَ النِّساءِ»، أي: في بِدايةِ الأمرِ، ولكنِ الآنَ أُحْكِمَ الأمرُ، فبيَّنَ للنَّاسِ أنَّ اللهَ سُبحانَه حرَّمَ زَواجَ المُتعةِ تَحريمًا قاطعًا إلى يومِ القِيامةِ.
وكان زَواجُ المُتعةِ مَعروفًا في صَدْرِ الإسْلامِ، ولم يَنْهَهُمْ عنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أسْفَارِهِمْ؛ لِحَاجَتِهِمْ إليه، ونَهاهم عنه في إقامَتِهم، وقدْ مَرَّ حُكْمُ زَواجِ المُتعةِ بمَراحلَ مُختلِفةٍ؛ فَقَدْ نَهاهم عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غيْرَ مَرَّةٍ، ثمَّ أمَرَهُمْ به في أوقاتٍ مُختلِفةٍ، حتَّى نَهاهم عنه مُطلَقًا، ووَرَدَ النَّهْيُ عنه في رِواياتٍ مُتعدِّدةٍ، تُشيرُ إلى أنَّ النَّهيَ كان في فَتْحِ مَكَّةَ في السَّنةِ الثَّامنةِ منَ الهِجرةِ، وهذا هو الأشْهَرُ، أو كان في غَزْوةِ أَوْطَاسٍ في السَّنةِ الثَّامنةِ أيضًا، أو كان في غَزوةِ خَيبَرَ في السَّنةِ السَّابعةِ منَ الهِجرةِ، أو كان في آخِرِ أيَّامِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَداعِ، وكان نَهْيًا مُؤبَّدًا لا تَأْقيتًا، فيكونُ الصَّحيحُ أنَّ نِكاحَ المُتعةِ ممَّا تَكرَّرَ نَسخُه، فأُبيحَ في خَيْبرَ، ثُمَّ حُرِّمتْ فيها، ثُمَّ أُبيحَ عامَ الفَتحِ، وهو عامُ أوْطاسٍ، ثُمَّ حرِّمَت تَحريمًا مؤبَّدًا، فلَمْ يَبْقَ في ذلك خِلافٌ بيْنَ الفُقَهاءِ وأئمَّةِ الأُمَّةِ، ولم يُخالِفْ في ذلك إلَّا بعضُ الشِّيعةِ ممَّن لا يُعتَدُّ بخِلافِهم.
ثُمَّ أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن كان مُتزوِّجًا زَواجَ مُتْعَةٍ، فلْيُفَارِقِ المرأةَ الَّتي عِندَهُ؛ لأنَّها لا تحِلُّ له، وأمَرَ كذلك ألَّا يأخُذَ الرَّجلُ شيئًا ممَّا أعْطاه للمَرأةِ في مُقابِلِ الاسْتمتاعِ بها، حتَّى وإنْ كان فِراقُها قبلَ الأجَلِ المُسمَّى؛ لأنَّها استَحقَّتْ ذلك بمُعاشَرتِها.