باب تحريم المدينة وصيدها وشجرها والدعاء لها 3
بطاقات دعوية
عن عامر بن سعد أن سعدا - رضي الله عنه - ركب إلى قصره بـ (العقيق) فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه (4) فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرد عليهم. (م 4/ 113
جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ لمكَّةَ والمدينَةِ مَنزِلةً تفُوقُ منزلةَ غيرِهما مِنَ الأماكِنِ والمنازِلِ، وقد حرَّمَ اللهُ مكَّةَ لإبْراهيمَ عليه السَّلامُ، وجعَلَها بَلَدًا آمِنًا، وكذلك حرَّمَ المدينةَ لرَسولِ اللهِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هَذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عامرُ بنُ سعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ أنَّ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنهُ رَكِبَ إلى قَصرِه بالعَقيقِ، وهوَ مَوضِعٌ قَريبٌ منَ المَدينةِ قُرْبَ البَقيعِ، بيْنَه وبيْنَ المسجدِ النَّبويِّ (20 كم) تَقريبًا، ومَعنى العَقيقِ: الَّذي شَقَّه السَّيلُ قَديمًا، فوَجَدَ عبدًا مملوكًا يَقطعُ شَجرًا مِن حَرَمِ المَدينةِ أو يَخبِطُه، يَعني: يَخبِطُ وَرقَ شَجرٍ بضَربٍ أو رَمْيِ حَجَرٍ، فسَلَبَه سعدٌ رَضيَ اللهُ عنهُ، أي: أخَذَ ما عليه من ثِيابٍ وغيرِها كَما يؤخَذُ سَلَبُ القَتيلِ منَ الكُفَّارِ، فيَدخُلُ فيهِ فَرسُه وسِلاحُه ونَفقتُه وغيرُ ذلكَ ممَّا يَدخُلُ في سَلَبِ القَتيلِ، فجاءَه أهْلُ العَبدِ فكلَّموه أنْ يَرُدَّ على غُلامِهم أو عَليهم ما أخَذَ مِن غُلامِهم، فرَفَضَ ذلكَ مُستدِلًّا بأمْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلى فاعِلِ ذلكَ في حَرمِ المَدينةِ، فَقال: مَعاذَ اللهِ أنْ أرُدَّ شيئًا نَفَّلَنِيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أي: غَنيمةً بإذْنِه لكلِّ مَن رَأى صائدًا، أو قاطعَ شَجرٍ أنْ يأخُذَ سَلَبَه، وأَبى أنْ يَرُدَّ عليهِم ما أخَذَه، وهذا كلُّه مُبالَغةٌ في الرَّدعِ والزَّجرِ، ولأنَّه رَأى أنَّ ذلك أدخَلُ في بابِ الإنْكارِ والتَّشديدِ، ولتَنتشِرَ القَضيَّةُ في النَّاسِ، فيَنكَفُّوا عنِ الصَّيدِ، وقَطعِ الشَّجرِ في المدينةِ.