باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم من ارتكاب منهي عنه 3
بطاقات دعوية
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته». متفق عليه. (1)
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وواجب على العبد ألا يقدم نفسه لأمر وهو غير مؤهل له، فإذا تعينت المسؤولية عليه لزمه القيام بحقها، وسيسأل عنها أمام الله عز وجل
وفي هذا الحديث يرشد النبي صلى الله عليه وسلم كل فرد من أمته إلى القيام بواجبه نحو ما خوله الله عليه، فيخبر صلى الله عليه وسلم أنه ما من مسلم في هذه الأمة إلا وتحته من يرعاهم ويتحمل مسؤوليتهم، فيقول: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته»، والرعي: هو حفظ الشيء وحسن التعهد له، والراعي: هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، فكل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته، فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر، وإن كان غير ذلك طالبه كل أحد من رعيته بحقه، والله عز وجل سائله عن تلك الرعية إن فرط في حقوقها.
ثم فصل صلى الله عليه وسلم ما أجمله: فالإمام الأعظم -الخليفة- راع فيما استرعاه الله، فعليه حفظ رعيته فيما تعين عليه من حفظ شرائعهم والذب عنها، وعدم إهمال حدودهم، وتضييع حقوقهم وترك حمايتهم ممن جار عليهم، ومجاهدة عدوهم، فلا يتصرف فيهم إلا بإذن الله ورسوله، ولا يطلب أجره إلا من الله، وهو مسؤول عن رعيته
والرجل في أهله -زوجته وغيرها- راع بالقيام عليهم بالحق في النفقة وحسن المعاشرة، وتقويمهم، وهو مسؤول عن رعيته
والمرأة في بيت زوجها راعية بحسن التدبير في أمر بيته، وتربية أولاده، والتعهد لخدمه وأضيافه، وهي مسؤولة عن رعيتها
والخادم -أي: العبد، ويدخل فيه الأجير عموما- في مال سيده راع بالقيام بحفظ ما في يده منه وخدمته، وهو مسؤول عن رعيته
والرجل في مال أبيه راع بحفظه وتدبير مصلحته، وهو مسؤول عن رعيته.
فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فعمم صلى الله عليه وسلم في أول الحديث، ثم خصص، وقسم الخصوصية إلى جهة الرجل وجهة المرأة، وهكذا، ثم عمم آخرا تأكيدا لبيان الحكم أولا وآخرا.