باب في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر 4
بطاقات دعوية
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». رواه البخاري. (1)
«القائم في حدود الله تعالى» معناه: المنكر لها، القائم في دفعها وإزالتها، والمراد بالحدود: ما نهى الله عنه. «استهموا»: اقترعوا.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل العبادات؛ فبه يقوم أمر المسلمين، وينصلح حال أمتهم، وبدونه تنهدم هذه الأمة
وفي هذا الحديث يضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لأهمية القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمثل القائمين بحدود الله -وهم المستقيمون على أمر الله، الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر- والواقعين في حدود الله -أي: التاركين للمعروف، والمرتكبين للمنكر- بركاب ركبوا في سفينة، تنازعوا من يكون في أعلاها ومن يكون في أسفلها، فاقترعوا على من يجلس أعلى السفينة ومن يجلس أسفلها، فنال بعضهم بالقرعة أعلاها، وبعضهم نال بالقرعة أسفلها، وكان الذين في الأسفل إذا أرادوا جلب الماء مروا على من فوقهم من أهل الأدوار العليا، وفي موضع آخر في صحيح البخاري قال: «فتأذوا به»، ففي ذهابهم وإيابهم وإمرارهم بالماء عليهم أذية لمن هم في أعلى السفينة، فقال الذين في الأسفل: لو أنا خرقنا خرقا في نصيبنا الذي في الأسفل، فجلبنا الماء مباشرة دون أن نصعد لأعلى السفينة ونضر من في الأعلى؛ لكان أفضل، وفي رواية في البخاري قال: «فأخذ فأسا، فجعل ينقر أسفل السفينة»، فلو تركهم من بالأعلى يفعلون ذلك، لغرقت السفينة بهم جميعا؛ لأن من لازم خرق السفينة غرقها وأهلها. ولو قاموا بنهيهم عن ذلك ومنعوهم من ارتكاب هذا الخطأ، لنجى الفريقان جميع
فهذا حال الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر، لو تركوا ذلك لهلكت الأمة بأجمعها، ولو فعلوه ونهوا الناس عن المنكر لصلح حال الجميع