باب وقت العشاء وتأخيرها
بطاقات دعوية
حديث ابن عباس قال: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا، ورقدوا واستيقظوا؛ فقام عمر بن الخطاب، فقال: الصلاة فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم، كأني أنظر إليه الآن، يقطر رأسه ماء، واضعا يده على رأسه فقال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا (قال ابن جريج الراوي عن عطاء، الراوي عن ابن عباس) فاستثبت عطاء كيف وضع النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه يده [ص:127] كما أنبأه ابن عباس، فبدد لي عطاء بين أصابعه شيئا من تبديد، ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس ثم ضمها، يمرها كذلك على الرأس حتى مست إبهامه طرف الأذن مما يلي الوجه على الصدغ وناحية اللحية، لا يقصر ولا يبطش إلا كذلك، وقال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا
جعل الله لصلاة الفرائض وقتا محددا يجب أداؤها فيه، فقال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: 103]، ومن رحمة الله بعباده أن وسع وقت الأداء؛ مراعاة لظروف الناس وأحوالهم، لكن هناك وقت يكون أداء الصلاة فيه أفضل من غيره، كما في وقت صلاة العشاء
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل عن صلاة العشاء ليلة من الليالي، فأخرها حتى رقد الصحابة في المسجد، فناموا قعودا ممكنين المقعدة، أو مضطجعين، غير مستغرقين في النوم، مع شعورهم بالزمان والمكان وما يدور حولهم، ثم استيقظوا، ثم رقدوا، ثم استيقظوا من النوم الخفيف كالنعاس، وهذا يدل على طول تأخره صلى الله عليه وسلم عنهم، ثم خرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم من حجرته فأثنى عليهم وامتدحهم، قائلا: ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم، وفي رواية في البخاري: «ولا تصلى يومئذ إلا بالمدينة»؛ لأن من بمكة من المستضعفين كانوا يسرون الصلاة، وغير مكة والمدينة حينئذ لم يدخله الإسلام، وفي رواية مسلم قالت عائشة رضي الله عنها: «وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس».وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يبالي أقدم صلاة العشاء أو أخرها؛ إذ كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها، وكان يرقد قبل صلاة العشاء
وفي الحديث: مشروعية النوم قبل العشاء لمن يغلب عليه النوم، ولمن تعرض له ضرورة لازمة
وفيه: مشروعية تأخير صلاة العشاء وفضل ذلك.ثم يروي التابعي عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر صلاة العشاء عن أول وقتها إلى ظلمة الليل قريب من ثلثه، حتى رقد الحاضرون في المسجد، واستيقظوا، ورقدوا، واستيقظوا، إشارة إلى طول تأخره صلى الله عليه وسلم، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتنبيه النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته إلى الصلاة، فقال: الصلاة يا رسول الله، فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم يقطر رأسه ماء؛ إشارة إلى اغتساله صلى الله عليه وسلم. وهذا يدل على أنه كان متعمدا التأخير، وخرج واضعا يده على رأسه، وهيئتها -كما وصفها ابن عباس رضي الله عنه-: أنه صلى الله عليه وسلم فرق بين أصابعه، ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس، وهو جانبه، ثم ضم أصابعه وجعل يمرها كذلك على الرأس، حتى مست إبهامه طرف الأذن مما يلي الوجه على الصدغ وناحية اللحية ويحرك أصابعه على جانب رأسه حركة متوسطة؛ لا يبطئ، ولا يستعجل، ثم قال صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها في هذا الوقت المتأخر؛ لما فيه من الفضل. وعلى هذا من وجد في نفسه قوة على تأخيرها ولم يغلبه النوم، ولم يشق على أحد من المأمومين؛ فالتأخير في حقه أفضل
وفي الحديث: مشروعية النوم قبل العشاء لمن يغلب عليه النوم، ولمن تعرض له ضرورة لازمة
وفيه: مشروعية تأخير صلاة العشاء وفضل ذلك