باب وقت القيام
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن إبراهيم البصري، عن بشر هو ابن المفضل، قال: حدثنا شعبة، عن أشعث بن سليم، عن أبيه، عن مسروق، قال: قلت لعائشة: أي الأعمال أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «الدائم»، قلت: فأي الليل كان يقوم؟ قالت: «إذا سمع الصارخ»
المُسارَعةُ إلى الخَيراتِ والمُبادَرةُ للعمَلِ الصالحِ عَلامةٌ على صِدقِ الإيمانِ، وحتَّى لا يَمَلَّ الإنسانُ ويَسأَمَ ويَنقطِعَ عن العِبادةِ، فقد حثَّ الإسلامُ على مُلازَمةِ الرِّفقِ في الأعمالِ، والاقتِصارِ على ما يُطيقُ العاملُ، ويُمكِنُه المُداوَمةُ عليه
وفي هذا الحديثِ يَسأَلُ التابعيُّ مَسروقُ بنُ الأجدَعِ أمَّ المؤمنينَ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها: أيُّ العَمَلِ كانَ أحَبَّ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فأجابَت: هو الدَّائمُ الَّذي يَستمِرُّ علَيه عامِلُه؛ لأنَّ الدائمَ وإنْ كان قليلًا، فإنَّه خَيرٌ مِن كَثيرٍ مُنقطِعٍ، والأعمالُ التي تكونُ أحَبَّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنَّما تكونُ أحَبَّ إلى اللهِ، وإنَّما كانت أحَبَّ إلى اللهِ ورَسولِه مِن أجْلِ الأخْذِ بالرِّفقِ على النُّفوسِ التي يُخْشى منها السآمةُ والمَلَلُ الذي يؤدِّي إلى تَرْكِ العِبادةِ، واللهُ يُحِبُّ أنْ يُدِيمَ فضْلَه، ويُوالِيَ إحسانَه
فسَأَلَ مَسروقٌ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها: متى كان يَقومُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن اللَّيلِ؟ فأجابَتْه: يَقومُ إذا سَمِعَ «الصَّارِخَ»، وهو الدِّيكُ؛ لأنَّه يُكثِرُ الصِّياحَ في حُدودِ الثُّلُثِ الأخيرِ ووَقْتِ السَّحَرِ؛ لِيَتحرَّى وَقتَ تَنزُّلِ اللهِ تعالى، وكان قِيامُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأجْلِ التَّعبُّدِ والتَّنفُّلِ بالصَّلاةِ والدُّعاءِ
وفي الحديثِ: الحثُّ على المُداومةِ على العَمَلِ
وفيه: الاقتِصادُ في العِبادةِ، والنَّهيُّ عن التَّعمُّقِ فيها