باب: ومن سورة الأحزاب13
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، قال: قالت عائشة، «ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء»: «هذا حديث حسن صحيح»
خصَّ اللهُ سبحانه وتعالى النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ببعضِ الخصائصِ عن الأمَّةِ، ومنها الزَّواجُ بما يَزيدُ عَن الأربعةِ؛ وذلك لحِكْمةٍ منه سبحانه وتعالى وسابقِ عِلمٍ.
وفي هذا الحديثِ تَقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: "ما مات رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حتَّى أُحِلَّ له النِّساءُ"، أي: الزَّواجُ بمَن شاءَ مِن النِّساءِ إلَّا ذاتَ مَحرَمٍ، دون تقيُّدٍ بعدَدٍ بعدَ أنْ حرَّم عليه مُدةً أن يَزيدَ على ما كان تَحتَه مِن النِّساءِ؛ قيلَ: ويَشهَدُ لذلك قولُه تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} [الأحزاب: 51]، فيَكونُ مَعنى قولِ عائشةَ هذا أنَّه آخِرُ الأمرِ؛ فتكونُ ناسِخةً لقولِ اللهِ تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} [الأحزاب: 52]، وقيل: مَعْنى {تُرْجِي مَن تَشَاءُ} هو في القِسْمةِ بينَ النِّساءِ في المَبيتِ؛ فخُيِّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في القِسْمةِ بينَ نِسائِه، فلم يَكُنْ عليه لازِمًا، وقيل: تُطلِّقُ مَن تَشاءُ وتُمسِكُ مَن تشاءُ فلا تُطلِّقُها، وقيل: تَترُكُ زَواجَ مَن تَشاءُ ممَّن يهَبْنَ أنفُسَهنَّ لك وتَتزوَّجُ مَن شِئتَ مِنهنَّ.