‌‌بقية حديث الحكم بن عمرو الغفاري1

مسند احمد

‌‌بقية حديث الحكم بن عمرو الغفاري1

حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد يعني _ ابن زيد _، عن أيوب، عن محمد، قال: استعمل الحكم بن عمرو الغفاري على خراسان، قال: فتمناه عمران بن حصين حتى قيل له: يا أبا نجيد، ألا ندعوه لك، قال: لا، فقام عمران بن حصين، فلقيه بين الناس، قال: تذكر يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة لمخلوق في معصية الله "؟، قال: نعم، قال عمران: الله أكبر (1)

مِن أُصولِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ: أنَّه لا طاعةَ لِمَخْلوقٍ في مَعصيةِ الخالِقِ، ويَدخُلُ تحتَ هذا الأصْلِ كُلُّ مَن أُمِرَ بِطاعةِ أحدٍ، فالابنُ عليه طاعةُ والدَيْهِ؛ لكنْ في غَيرِ مَعصيةٍ، وأفرادُ الرَّعيَّةِ عليهم طاعةُ ولاةِ أُمورِهم في غَيرِ مَعصيةِ اللهِ تَعالى.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي التَّابعيُّ الحَسَنُ البَصْريُّ: "أنَّ زيادًا" وهو ابنُ أبي سُفيانَ، وكان والِيًا مُطلَقَ اليَدِ في العِراقِ من قِبَلِ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ رضِيَ اللهُ عنه "استَعْمَلَ الحَكَمَ بنَ عَمْرٍو"، وفي روايةِ الطَّبَرانيِّ: "على جَيشٍ"، قال الحَسَنُ: "فلَقِيَهُ عِمْرانُ بنُ حُصَينٍ، فقال: أمَا تَذكُرُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا بلَغَهُ الَّذي قالَ له أميرُهُ: قَعْ في النَّارِ" فاقْفِزْ فيها طاعةً لأمْري "فقامَ لِيَقَعَ فيها، فأدرَكَهُ" قَبلَ أنْ يَقفِزَ في النَّارِ "فأمسَكَهُ" ومنَعَهُ من القَفزِ فيها؛ لأنَّه إنَّما كان يُمازِحُهُم كما جاءَ في أصْلِ الرِّوايةِ، "فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو وقَعَ فيها لدخَلَ النَّارَ"، والمَقْصودُ أنَّه لو دخَلَ هذه النَّارَ الَّتي أوْقَدوها في الدُّنيا لدخَلَ نارَ الآخِرةِ؛ لأنَّهم ارتَكَبُوا ما نُهوا عنه من قَتلِ أنْفُسِهِم، وقيلَ: لِيَفهَمَ السَّامِعُ أنَّ مَن فَعَلَ لِكَ خُلِّدَ في النَّارِ، وليس ذلِكَ مُرادًا، وإنَّما أُريدَ به الزَّجْرُ وَالتَّخْويفُ، "لا طاعةَ لِمَخْلوقٍ في مَعصيةِ اللهِ؟" وإنَّما الطَّاعةُ لِلوُلاةِ والأُمَراءِ تكونُ فقطْ في المَعْروفِ وطَاعةِ اللهِ تَعالى ورسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والمَعْروفُ: هو ما كان مِن الأُمورِ المَعْروفةِ في الشَّرعِ، لا المَعْروفةِ في العَقلِ أو العادَةِ، "قال الحَكَمُ: بَلى"، يَعْني: أتذكَّرُ وأعرِفُ هذا الحَديثَ "قالَ عِمْرانُ بنُ حُصَينٍ رضِيَ اللهُ عنه: "إنَّما أرَدتُ أنْ أُذكِّرَك هذا الحَديثَ" حتَّى يكونَ في عَقْلِكَ أنَّ طاعةَ الأُمَراءِ والوُلاةِ غَيرُ مُطلَقةٍ، وإنَّما هي مُقيَّدةٌ بالمَعْروفِ فيما وافَقَ أمْرَ اللهِ ورسولِهِ، ولعلَّه قال له ذلِكَ لما يَعلَمُهُ من وُقوعِ الظُّلمِ والجَورِ من زيادِ بنِ أبي سُفيانَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الدُّعاةَ مَنوطٌ بهم تَذْكيرُ الوُلاةِ، والنُّصحُ لهم بما فيه طاعةُ اللهِ، ومَصْلَحةُ العِبادِ .