تحريم القتل 3
سنن النسائي
أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن يزيد، عن سليمان التيمي، عن الحسن، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فقتل أحدهما صاحبه فهما في النار» قيل: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «أراد قتل صاحبه»
لَمَّا جاء الإسلامُ رسَّخَ معانيَ الأُخوَّةِ بين المسلمينَ، وزَجَرَ عن دَعاوَى الجاهليَّةِ وخاصَّةً سَفْكَ الدِّماءِ الَّتي كانت تُستباحُ حينئِذٍ بغير حقٍّ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا أشارَ المسلِمُ على أخيهِ المسلِمِ بالسِّلاحِ"، والمرادُ أن يُشيرَ كلٌّ مِنهُما على صاحبِهِ كما في روايةِ الصَّحيحَينِ: "إذا الْتَقى المسْلِمانِ بِسَيفيهِما"، أي: بِقصدِ العُدوانِ والاعتِداءِ على بَعضِهما، "فهُما على جُرْفِ جهنَّمَ"، أي: إنَّ جزاءَ مَن أشار بالسِّلاحِ فهو كَمَن قرُبَ مِن جهنَّمَ يوشِكُ أن يَقعَ فيها، "فإذا قَتلَه خرَّا جميعًا فيها"، أي: ويَحِقُّ عليهما العَذابُ ودخولُ النَّارِ إذا اقتَتَلَا، فيَقتلُ أحدُهُم الآخَرَ كما في رِوايةِ الصَّحيحينِ: "فالقاتِلُ والمقتولُ في النَّارِ"؛ وذلك أنَّ كلَّ واحدٍ مِنهُما كان حَريصًا على قَتلِ الآخَرِ، ولأنَّه لا تَأويلَ لِواحدٍ منهما يُعذَرُ به عندَ اللهِ، ولا شُبهةَ له مِنَ الحقِّ يَتعلَّقُ بِها؛ فليس مِنهُما أحدٌ مظلومٌ بل كِلاهما ظالمٌ
ومَعنى كوْنِهما في النَّارِ: أنَّهُما يَستحِقَّانِ ذَلِكَ، ولكِنَّ أمرَهُما إلى اللَّهِ تعالى، إنْ شاء عاقَبهُما، ثُمَّ أخرجَهُما منَ النَّارِ، كسائِرِ الموحِّدِين، وإنْ شاء عَفا عنهما، فلم يُعاقِبْهُما أصلًا، وقيل: هُو مَحمولٌ على من استحَلَّ ذلِكَ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن حمْلِ السَّلاحِ مِن المُسلِم على أخيهِ المُسلمِ