تحريم كل شراب أسكر 7
سنن النسائي
أخبرنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن البتع، فقال: «كل شراب أسكر فهو حرام، والبتع من العسل»
كان المُحرَّمُ مِنَ الخمرِ في أوَّلِ الأمرِ أنواعًا بِعَيْنِها، ثمَّ حرَّم اللهُ عزَّ وجلَّ كُلَّ ما يُسبِّبُ الإسكارَ
وفي ذلك يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ"، أي: كُلُّ ما يُخَمِّرُ العقلَ ويُغَيِّبُهُ هو في حُكْمِ الخمرِ، أي: حرامٌ، أو كُلُّ ما تمَّ تخميرُهُ مِنَ الأشربةِ حتَّى صار مُسْكِرًا فهو حرامٌ، "وكُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ"، أي: وكُلُّ ما يُسبِّبُ إسكارًا للعقلِ فهو حرامٌ؛ فالتَّحريمُ لا يقَع على نوعٍ بِعَيْنِهِ مِثْلِ العِنَبِ، بل على عُمومِ ما يُصنَعُ منه الخمرُ والمُسْكِراتُ، "ومَنْ شرِب مُسكِرًا"، أي: بمجرَّدِ شُرْبِهِ، لا أنْ يشرَبَ حتَّى الإسكارِ، "بُخِسَتْ صلاتُهُ"، أي: نُقِصَتْ وحُرِمَ ثوابَها لِمُدَّةِ "أربعين صباحًا"، "فإنْ تاب"، أي: ندِم على ما شرِب من خمرٍ، ورجَع إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وتَرَك شُرْبَ الخَمرِ وعَزَم على عَدَمِ العودةِ إلى شُربِها، "تاب اللهُ عليه"، أي: قَبِلَ اللهُ عزَّ وجلَّ منه توبتَهُ وغفَر له، "فإنْ عاد الرَّابعةَ"، أي: فإنْ شرِب ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ شرِب الرَّابعةَ، "كان حقًّا على اللهِ"، أي: كان جزاؤُهُ عِند الله تعالى في الآخرةِ، "أنْ يَسقيَهُ من طينةِ الخَبالِ. قيل: وما طينةُ الخَبالِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: صَديدُ أهلِ النَّارِ"، أي: الماءُ الَّذي يتكوَّن بالجُروحِ والقُروحِ الَّتي تسبَّبَتْ فيها نارُ جهنَّمَ، والخَبالُ في الأصلِ هو الفَسادُ، ويكون في الأفعالِ والأبدانِ والعقولِ
ثم قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَنْ سقاه صغيرًا لا يَعرِف حلالَهُ من حرامِهِ"، أي: ومَنْ سَقى صَبيًّا صغيرًا الخمرَ، كان حقًّا على اللهِ أنْ يَسقيَهُ من طينةِ الخَبالِ
وفي الحديثِ: التَّشديدُ في تحريمِ شُرْبِ كُلِّ ما يُسْكِرُ، والتَّرهيبُ منه
وفيه: أنَّ المتسبِّبَ في الإثمِ كفاعِلِه