تحريم كل شراب أسكر 6
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، عن مالك، ح وأنبأنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن البتع، فقال: «كل شراب أسكر حرام» اللفظ لسويد "
كان المُحرَّمُ مِنَ الخمرِ في أوَّلِ الأمرِ أنواعًا بِعَيْنِها، ثمَّ حرَّم اللهُ عزَّ وجلَّ كُلَّ ما يُسبِّبُ الإسكارَ
وفي ذلك يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ"، أي: كُلُّ ما يُخَمِّرُ العقلَ ويُغَيِّبُهُ هو في حُكْمِ الخمرِ، أي: حرامٌ، أو كُلُّ ما تمَّ تخميرُهُ مِنَ الأشربةِ حتَّى صار مُسْكِرًا فهو حرامٌ، "وكُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ"، أي: وكُلُّ ما يُسبِّبُ إسكارًا للعقلِ فهو حرامٌ؛ فالتَّحريمُ لا يقَع على نوعٍ بِعَيْنِهِ مِثْلِ العِنَبِ، بل على عُمومِ ما يُصنَعُ منه الخمرُ والمُسْكِراتُ، "ومَنْ شرِب مُسكِرًا"، أي: بمجرَّدِ شُرْبِهِ، لا أنْ يشرَبَ حتَّى الإسكارِ، "بُخِسَتْ صلاتُهُ"، أي: نُقِصَتْ وحُرِمَ ثوابَها لِمُدَّةِ "أربعين صباحًا"، "فإنْ تاب"، أي: ندِم على ما شرِب من خمرٍ، ورجَع إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وتَرَك شُرْبَ الخَمرِ وعَزَم على عَدَمِ العودةِ إلى شُربِها، "تاب اللهُ عليه"، أي: قَبِلَ اللهُ عزَّ وجلَّ منه توبتَهُ وغفَر له، "فإنْ عاد الرَّابعةَ"، أي: فإنْ شرِب ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ شرِب الرَّابعةَ، "كان حقًّا على اللهِ"، أي: كان جزاؤُهُ عِند الله تعالى في الآخرةِ، "أنْ يَسقيَهُ من طينةِ الخَبالِ. قيل: وما طينةُ الخَبالِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: صَديدُ أهلِ النَّارِ"، أي: الماءُ الَّذي يتكوَّن بالجُروحِ والقُروحِ الَّتي تسبَّبَتْ فيها نارُ جهنَّمَ، والخَبالُ في الأصلِ هو الفَسادُ، ويكون في الأفعالِ والأبدانِ والعقولِ
ثم قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَنْ سقاه صغيرًا لا يَعرِف حلالَهُ من حرامِهِ"، أي: ومَنْ سَقى صَبيًّا صغيرًا الخمرَ، كان حقًّا على اللهِ أنْ يَسقيَهُ من طينةِ الخَبالِ
وفي الحديثِ: التَّشديدُ في تحريمِ شُرْبِ كُلِّ ما يُسْكِرُ، والتَّرهيبُ منه
وفيه: أنَّ المتسبِّبَ في الإثمِ كفاعِلِه