حديث أبي العالية الرياحي، عن أبي بن كعب1
مسند احمد
وحدثنا عبد الله بن أحمد، قال: وحدثني أبو الشعثاء علي بن الحسن الواسطي، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن مغيرة السراج، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بشر هذه الأمة بالسناء، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة نصيب " وهذا لفظ المقدمي
كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبَشِّرُ أُمَّتَه بخَيرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ إذا ما التَزَمتْ دِينَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ فإنْ بَعُدتْ عنْ مَنهَجِ اللهِ عزَّ وجلَّ لم تَتحَقَّقْ لها تلك البُشرى.
في هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "بَشِّرْ هذه الأُمَّةَ" الإسلاميَّةَ التي استَجابَتْ لِأمْرِ رَبِّها، فالمُرادُ: أُمَّةُ الإجابةِ، وليس أُمَّةَ الدَّعوةِ، "بالسَّناءِ"، أي: بارتِفاعِ المَنزِلةِ والقَدْرِ، "والدِّينِ" التَّمكينِ لِلدِّينِ بَعدَ العُسرةِ، "والرِّفعةِ"، وهي العُلوُّ في الدَّارَيْنِ؛ الدُّنيا والآخِرةِ، "والنَّصرِ" على الأعداءِ، "والتَّمكينِ في الأرضِ"، بفَتحِ البِلادِ ودُخولِ الناسِ في دِينِ اللهِ أفواجًا، وتأسيسِ الدَّولةِ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ، "فمَن عَمِلَ منهم عَمَلَ الآخِرةِ لِلدُّنيا" بأنْ جَعَلَ عَمَلَه الأُخرَويَّ وَسِيلةً إلى تَحصِيلِ مَنافِعِ الدُّنيا، "لم يَكُنْ له في الآخِرةِ مِن نَصيبٍ"؛ لِأنَّه لم يَعمَلْ لها، وهذا مِنَ الوَعيدِ على العَمَلِ لِغَيرِ اللَّهِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الإخلاصَ في العَمَلِ شَرطٌ لِقَبولِه عِندَ اللهِ.
وفيه: تَحذيرٌ مِنَ الرِّياءِ واتِّخاذِ أعمالِ الآخِرةِ لِتَحصيلِ الدُّنيا فَقَطْ.