حديث أبي جحيفة 2
مستند احمد
حدثنا عفان، حدثنا شعبة، عن حكم، قال: سمعت أبا جحيفة، قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فصلى الظهر بالبطحاء ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة وتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه» ، وفي حديث عون يمر من ورائه المرأة والحمار
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَنقُلونَ أدَقَّ التَّفاصيلِ التي تَحدُثُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وفي حَضرَتِه؛ مِن أقوالٍ، أو أفعالٍ، أو ما يُقِرُّه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ بلاغًا للأُمَّةِ وتَعليمًا
وهذا المَتنُ جُزءٌ مُختَصَرٌ مِن حَديثٍ يَحكي فيه أبو جُحَيفةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ عليهم بالهاجِرةِ، وهي نِصفُ النَّهارِ عِندَ اشتِدادِ الحَرِّ؛ سُمِّيَتْ بذلك لِأنَّهم يَهجُرونَ السَّيرَ عِندَها، فصَلَّى في بَطحاءِ مَكَّةَ، ويُقالُ لها: الأبطَحُ أيضًا، وهي مَكانٌ ذو حَصًى صَغيرةٍ، وهو في الأصلِ مَسيلُ وادي مَكَّةَ، وهو يَقَعُ جَنوبَ الحَرَمِ الشَّريفِ، أمامَ جَبَلِ ثَورٍ، فصَلَّى الظُّهرَ والعَصرَ قَصْرًا وجَمْعًا في وَقتٍ واحِدٍ، وصَلَّى كُلًّا منهما رَكعتَيْنِ، ثمَّ يُخبِرُ أبو جُحَيفةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه قد وَضَعَ بيْن يَدَيْه عَنَزةً، وفي رِوايةِ مُسلِمٍ أنَّه رَأى بِلالًا أخَذَ عَنَزةً -وهي مِثلُ نِصفِ الرُّمْحِ، أو أكبَرُ، لها سِنانٌ كسِنانِ الرُّمْحِ- وثَبَّتَها في الأرضِ؛ لِتَكونَ سُترةً يُصلِّي إليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.ثمَّ أخبَرَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَوضَّأَ، فجَعَلَ النَّاسُ يَتمَسَّحونَ بوَضوئِه، قيلَ: هو الماءُ المُتقاطِرُ مِن أعضائِه حالَ التَّوضُّؤِ، ورِوايةُ مُسلِمٍ تُبيِّنُ أنَّ بِلالًا أخَذَ بَقيَّةَ ماءٍ تَوضَّأَ منه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ النَّاسُ يَتسارَعونَ ويَتسابَقونَ إلى أخْذِ ماءِ وُضُوئِه المُتَبقِّي منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ تَبرُّكًا بآثارِه الشَّريفةِ، وهذا التَّبرُّكُ خاصٌّ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم يَتبَرَّكوا بغَيرِه مِمَّن بَعدَه مِنَ الأولياءِ والصَّالِحينَ ونَحوِهم؛ وذلك لِمَا جَعَلَ اللهُ فيما مَسَّه مِنَ البَرَكةِ والخَيرِ
وفي الحَديثِ: بَيانُ شِدَّةِ تَعظيمِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما لا يُخرِجُهم إلى حُدودِ الإشراكِ باللهِ عَزَّ وجَلَّ