حديث أبي جمعة حبيب بن سباع 2
مستند احمد
حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني أسيد بن عبد الرحمن، عن خالد بن دريك، عن ابن محيريز، قال: قلت لأبي جمعة - رجل من الصحابة -: حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، أحدثكم حديثا جيدا، تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فقال: يا رسول الله، أحد خير منا، أسلمنا معك، وجاهدنا معك؟ قال: «نعم، قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني»
فضَّلَ اللهُ عزَّ وجلَّ أُمَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وخَيَّرَها على مَن سَبَقَها من الأُمَمِ، وقد جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ هذا الخَيْرَ يَتَفاوَتُ في تِلك الأُمَّةِ على مَرِّ الأزْمِنةِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو جُمعةَ حَبيبُ بنُ سِباعٍ رضِيَ اللهُ عنه: "تَغدَّيْنا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" جَمَعَهم برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَكْلةُ الغَداءِ، "ومَعَنا أبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ، قالَ: فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هل أحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا؟" والمُرادُهل هُناك أقْوامٌ خَيرٌ من صَحابةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "أسْلَمْنا معك، وجاهَدْنا معك؟" وذلِكَ أنَّ الصَّحابةَ رَأَوُا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجاهَدوا معه ونَصَروهُ، وهو ممَّا لا يكونُ مُتاحًا لِمَن بعدَهم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نَعَمْ، قَومٌ يَكونون مِن بَعدِكم، يُؤمِنونَ بي ولم يَرَوني"، والمَعْنى: أنَّهم خَيرٌ منكم من هذه الحيثيَّةِ أنَّهم آمَنوا بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يَرَوهُ، ولم يُشاهِدوا مُعْجزاتِهِ، بيْنَما كان إيمانُ الصَّحابةِ عن رُؤيةٍ ومُشاهَدةٍ لأحْوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنْ كان الصَّحابةُ خَيرًا منهم من جِهةِ المُسابَقةِ والمُشاهَدةِ والمُجاهَدةِ، وقد ورَدَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّحيحَينِ: "خَيرُكُم قَرْني، ثُمَّ الَّذين يَلونَهم، ثُمَّ الَّذين يَلونَهم، ثُمَّ الَّذين يَلونَهم"