حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه2
مسند احمد
حدثنا عمار بن محمد، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قل: لا حول ولا قوة إلا بالله "
خَلقَ اللهُ تعالى الخَلقَ لغايةٍ عَظيمةٍ، وهي تَوحيدُه سُبحانَه وتعالى وعِبادَتُه، ولأجلِ ذلك أرسَل إلى النَّاسِ الرُّسُلَ يَدعونَهم إلى عِبادةِ اللهِ وَحدَه، فما زال اللَّهُ تعالى يُرسِلُ رُسُلَه وأنبياءَه من لدُنْ آدَمَ عليه السَّلامُ إلى عَهدِ نَبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد بَعَثَ اللهُ في كُلِّ أمَّةٍ رسولًا، وكُلَّما انقَضَت مُدَّةٌ أرسَل اللهُ رسولًا آخَرَ؛ ولذا فأنبياءُ اللهِ ورُسُلُه كُثُرٌ، منهم مَن قَصَّ اللَّهُ علينا قِصَّتَه، ومنهم مَن لم يَقصُصْ علينا قِصَّتَه، وفي هذا الحَديثِ بَيانُ أنَّ آدَمَ عليه السَّلامُ كان أوَّلَ الأنبياءِ وأنَّه كان نبيًّا مُكَلَّمًا، أي: يُوحى إليه، المَقصودُ بمُكَلَّمٍ هنا أيضًا أنَّ اللهَ تعالى كَلَّمه كما في بَعضِ الرِّواياتِ: (كان نَبيًّا كَلَّمَه اللهُ قِبَلًا) أي: عِيانًا ومُقابَلةً لا من وراءِ حِجابٍ، ومن غَيرِ أن يُوَلِّيَ أمرَه أو كَلامَه أحَدًا من مَلائِكَتِه، وكان بَينَه وبَينَ نوحٍ عليه السَّلامُ عَشَرةُ قُرونٍ، والقَرنُ: قيل: أربَعونَ سَنةً. وقيل: ثَمانونَ. وقيل: مِائةٌ.
وقيل: هو مُطلَقٌ من الزَّمانِ، وكانتِ الرُّسُلُ ثَلاثَمِائةٍ وخَمسةَ عَشَرَ. وهذا بَيانٌ لعَدَدِ الرُّسُلِ مُطلقًا، كما جاءَ موضَّحًا في الرِّوايةِ الأخرى، لمَّا سُئِل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن عَدَدِ الأنبياءِ، فقال: (مِائةُ ألفٍ وأربَعةٌ وعِشرونَ ألفًا، الرُّسُلُ من ذلك ثَلاثُمِائةٍ وخَمسةَ عَشَرَ).
وفي الحَديثِ ثُبوتُ نُبوَّةِ آدَمَ عليه السَّلامُ.
وفيه ذِكرُ المُدَّةِ التي كانت بَينَ آدَمَ ونوحٍ عليهما السَّلامُ.
وفيه ذِكرُ عَدَدِ الرُّسُلِ .