حديث أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم 13
مسند احمد
حدثنا عتاب بن زياد، حدثنا عبد الله يعني ابن مبارك، حدثنا موسى بن عقبة، عن عبد الرحمن بن زيد بن عقبة [ص:284]، عن أنس بن مالك قال: كنت أنا وأبي بن كعب وأبو طلحة جلوسا، فأكلنا لحما وخبزا، ثم دعوت بوضوء فقالا: لم تتوضأ؟ فقلت: لهذا الطعام الذي أكلنا، فقالا: «أتتوضأ من الطيبات؟ لم يتوضأ من هو خير منك»
في هذا الحَديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه واقِعةً تَحمِلُ في طَيِّها كيف كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يَتَّبِعونَ السُّنَّةَ النَّبويَّةَ، وكيف يُصوِّبُ بَعضُهم لبعضٍ الأخْطاءَ؛ فيُخبِرُ أنَّه كان جالسًا مع أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وأبي طَلْحةَ الأنْصاريِّ رَضيَ اللهُ عنهما، وهُم جَميعُهم مِن أصْحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأكَلوا لَحمًا وخُبزًا، فظَنَّ أنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه بذلك قدِ انتَقَضَ وُضوءُه، فطلَب ماءً للوُضوءِ، فأنكَرَ عليه صاحِباه أُبَيُّ بنُ كَعبٍ وأبو طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنهما، وسَأَلاه: لِمَ يَتوضَّأُ؟ فأجابَهم أنَّه يتَوضَّأُ بسبَبِ أكْلِه اللَّحمَ والخُبزَ، وهُما ممَّا أنضَجَتْه النَّارُ؛ ولأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان قدْ سَبَق له أنَّه أمَرَ بالوُضوءِ ممَّا مَسَّتْه وأنضَجَتْه النَّارُ، فقالا مُستَنكِرَيْنِ: «أتَتوَضَّأُ منَ الطَّيِّباتِ؟» فاللَّحمُ والخُبزُ مِن طَيِّباتِ الطَّعامِ، وليس ممَّا يَحتاجُ المَرءُ بعْدَ أكْلِهما لتَجديدِ الوُضوءِ، وأخْبَراه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَتوضَّأْ بعْدَ أكْلِهما، وقد رَوى أبو داودَ، والنَّسائيُّ، وغَيرُهما، عن جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه قال: «كان آخِرُ الأمرَيْنِ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَرْكَ الوُضوءِ ممَّا مَسَّتِ النَّارُ»؛ فاستُدلَّ بأمْثالِ هذه الأحاديثِ على أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ترَكَ الوُضوءَ ممَّا مَسَّتِ النَّارُ قبْلَ وَفاتِه
وهذ مِنَ التَّيْسيرِ على النَّاسِ في أمرِ الطَّهارةِ والوُضوءِ؛ لأنَّ نَقْضَ الوُضوءِ إنَّما يكونُ بخَبيثٍ يُنافيهِ، كالخارجِ منَ السَّبيلَينِ، وفي مَعْناه خُروجُ الدَّمِ والقَيْحِ، وليس الطَّعامُ خَبيثًا حتَّى يَنقُضَ الوُضوءَ