حديث أبي عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله رضي الله عنه 1
حدثنا زياد بن الربيع أبو خداش، حدثنا واصل، مولى أبي عيينة، عن بشار بن أبي سيف الجرمي، [عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي] ، عن عياض بن غطيف، قال: دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده من شكوى أصابه، وامرأته تحيفة قاعدة عند رأسه، قلنا (1) : كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: والله لقد بات بأجر، فقال أبو عبيدة: ما بت بأجر - وكان مقبلا بوجهه على الحائط - فأقبل على القوم بوجهه، فقال: ألا تسألونني عما قلت؟ قالوا: ما أعجبنا ما قلت، فنسألك عنه. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله، فبسبع مائة، ومن أنفق على نفسه وأهله، أو عاد مريضا، أو ماز أذى، فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة ما لم يخرقها، ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة "
قَوْلُهُ وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ : - بِالتَّصْغِيرِ - : اسْمُ امْرَأَتِهِ .
لَقَدْ بَاتَ بِأَجْرٍ : كَأَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنْ حَالِهِ بِأَنَّهُ بَاتَ مُشْتَغِلًا بِذِكْرٍ وَصَلَاةٍ ، فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ أَجْرًا عَظِيمًا ، فَكَرِهَ إِظْهَارَ ذَلِكَ ، وَخَافَ عَدَمَ الْقَبُولِ ، فَقَالَ مَا قَالَ .
* "عَمَّا قُلْتُ " : أَيْ : مِنْ أَنَّهُ مَا بَاتَ بِأَجْرٍ .
* "قَالَ : سَمِعْتُ " : إِعْرَاضًا عَنْ ذَلِكَ إِلَى ذِكْرِ الْعِلْمِ ، أَوِ اسْتِشْهَادًا عَلَى مَا قَالَ بِأَنَّ غَايَةَ الْمَرَضِ حَطُّ الذُّنُوبِ ، لَا حُصُولُ الْأَجْرِ ، وَقَدْ بَاتَ مَرِيضًا ، وَكَأَنَّهُ أَوْهَمَهُمْ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ الِاشْتِغَالُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
فَاضِلَةً : أَيْ : زَائِدَةً عَنِ الْحَاجَةِ الضَّرُورِيَّةِ ، فَتَكُونُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، أَوْ ذَاتَ فَضْلٍ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ حَلَالٍ .
فِي سَبِيلِ اللَّهِ : ظَاهِرُهُ الْجِهَادُ ، وَالْحَمْلُ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ .
أَوْ مَازَ : مِنَ الْمَيْزِ ، وَهُوَ الْفَصْلُ ; أَيْ : فَصَلَ عَنِ الطَّرِيقِ أَذًى ، وَبَعَّدَهُ عَنْ مَمَرِّ النَّاسِ .
مَا لَمْ يَخْرِقْهَا : كَيَضْرِبُ ; أَيْ : بِارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ بِالصَّوْمِ ; مِنْ نَحْوِ الْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ .
قَوْلُهُ حِطَّةٌ : - بِكَسْرِ حَاءٍ وَتَشْدِيدِ طَاءٍ - ; أَيْ حَطٌّ لِذُنُوبِهِ .