حديث أبي عسيب2
مسند احمد
حدثنا يزيد، حدثنا مسلم بن عبيد أبو نصيرة، قال: سمعت أبا عسيب، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل بالحمى، والطاعون، فأمسكت الحمى بالمدينة، وأرسلت الطاعون إلى الشام، فالطاعون شهادة لأمتي، ورحمة، ورجس على الكافر
كَرَّمَ اللهُ المَدينةَ بدُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لها، فلم يَقرَبْها الطَّاعونُ، وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لِفَضلِ المَدينةِ، حيث يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أتاني جِبريلُ بالحُمَّى"، والحُمَّى حَرارةٌ شَديدةٌ، يَشتَعِلُ منها جَميعُ البَدَنِ، "والطَّاعونِ"، وهو نَوعٌ مِنَ الوباءِ، وهو عِبارةٌ عن خُرَّاجاتٌ وقُروحٌ وأورامٌ رَديئةٌ، "فأمسَكتُ الحُمَّى بالمَدينةِ، وأرسَلتُ الطَّاعونَ إلى الشَّامِ"، وقد خُيِّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أمرَيْنِ يَحصُلُ بكُلٍّ منهما الأجرُ الجَزيلُ، وهما الحُمَّى والطَّاعونُ، وحينما دَخَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدينةَ كانَ في قِلَّةٍ مِن أصحابِه عَدَدًا ومَدَدًا، فاختارَ الحُمَّى؛ لِقِلَّةِ المَوتِ بها، ولأنها أخَفُّ ألَمًا، بينما الطَّاعونُ يَعُمُّ ويُهلِكُ في أسرَعِ وَقتٍ، فأرسَلَه إلى الشَّامِ؛ لِأنَّها لا تَخلو مِن كافِرٍ، فيَكونُ له عَذابًا، وأمَّا المُؤمِنونَ منهم فكانَ الطَّاعونُ لهم بأجرِ الشَّهادةِ في سَبيلِ اللهِ، كما في قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فالطَّاعونُ شَهادةٌ لِأُمَّتي"؛ فالمُصابُ به يَكونُ له أجْرُ شَهيدٍ إنْ ماتَ به، "ورَحمةٌ لهم"؛ لِأنَّه يُسرِعُ بهم إلى رَحمةِ اللهِ، وهو ممَّا يَرحَمُ اللهُ به عِبادَه المُؤمِنينَ؛ فيَكونُ لهمُ الأجرُ في الآخِرةِ، "ورِجسٌ على الكافرينَ"، والرِّجسُ هو العَذابُ، ويَقَعُ عليهم؛ لِأنَّهم لا يُؤجَرونَ على ألَمٍ، ولِأنَّه يُسرِعُ بهم إلى عَذابِ اللهِ .