حديث أبي لاس الخزاعي ويقال له ابن لاس 1
مستند احمد
حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعي، قال: حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل من إبل الصدقة للحج، فقلنا: يا رسول الله، ما نرى أن تحملنا هذه. قال: «ما من بعير إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما أمرتكم، ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله»
أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن جُملةٍ مِن الآدابِ التي هي سَببٌ للسَّلامةِ مِن إيذاءِ الشيطانِ، ومِن هذه الآدابِ ما ورَدَ في هذا الحَديثِ؛ حيثُ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "على ذِروةِ كلِّ بَعيرٍ شيطانٌ"، الذِّروةُ هي أعلى سَنامِ الجَمَلِ، والمعنى: أنَّ فوقَ كلِّ جَملٍ شيطانًا، ويَحتمِلُ المُرادُ: أنَّ فيها صِفةً شَيطانيَّةً مِن النُّفورِ والشُّرودِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فامْتَهِنوهنَّ بالرُّكوبِ"، أي: اجْعَلوها مُهانةً برُكوبِكم لها؛ حتى تَذِلَّ وتَلِينَ لكم، لأنَّ المؤمنَ إذا رَكِبَ حَمِدَ اللهَ وسبَّحَه، كما قال تَعالى: {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13]، فكأنَّه قال: واذْكُروا اسمَ اللهِ عندَ رُكوبِها؛ فإنَّه الذي يَحمِلُكم عليها، وسَكِّنوا هذا الكِبرَ بالرُّكوبِ المَقرونِ بذِكرِ اللهِ المُنفِّرِ للشيطانِ، "فإنَّما يَحمِلُ اللهُ تعالى"، أي: فمَن رَكِبَ عليها فلا يَعجَبْ بنَفْسِه ويَتكبَّرْ؛ لأنَّ الحاملَ الذي يسَّرَ له الرُّكوبَ هو اللهُ عزَّ وجلَّ؛ إذ كيف يُمكِنُه الرُّكوبُ ومُزاحمةُ الشيطانِ لولا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ هو الذي يسَّرَ له ذلك؟
وفي الحديثِ: بَيانُ قُدرةِ اللهِ على تَسخيرِ الدَّوابِّ وجميعِ المَخلوقاتِ لمَن يشاءُ مِن خلْقِه