حديث أبي لاس الخزاعي ويقال له ابن لاس 2
مستند احمد
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، وكان ثقة، عن أبي لاس الخزاعي، قال: حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل من إبل الصدقة ضعاف إلى الحج، قال: فقلنا له: يا رسول الله، إن هذه الإبل ضعاف نخشى أن لا تحملنا. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من بعير إلا في ذروته شيطان،، فاركبوهن، واذكروا اسم الله عليهن كما أمرتم، ثم امتهنوهن لأنفسكم، فإنما يحمل الله»
أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن جُملةٍ مِن الآدابِ التي هي سَببٌ للسَّلامةِ مِن إيذاءِ الشيطانِ، ومِن هذه الآدابِ ما ورَدَ في هذا الحَديثِ؛ حيثُ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "على ذِروةِ كلِّ بَعيرٍ شيطانٌ"، الذِّروةُ هي أعلى سَنامِ الجَمَلِ، والمعنى: أنَّ فوقَ كلِّ جَملٍ شيطانًا، ويَحتمِلُ المُرادُ: أنَّ فيها صِفةً شَيطانيَّةً مِن النُّفورِ والشُّرودِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فامْتَهِنوهنَّ بالرُّكوبِ"، أي: اجْعَلوها مُهانةً برُكوبِكم لها؛ حتى تَذِلَّ وتَلِينَ لكم، لأنَّ المؤمنَ إذا رَكِبَ حَمِدَ اللهَ وسبَّحَه، كما قال تَعالى: {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13]، فكأنَّه قال: واذْكُروا اسمَ اللهِ عندَ رُكوبِها؛ فإنَّه الذي يَحمِلُكم عليها، وسَكِّنوا هذا الكِبرَ بالرُّكوبِ المَقرونِ بذِكرِ اللهِ المُنفِّرِ للشيطانِ، "فإنَّما يَحمِلُ اللهُ تعالى"، أي: فمَن رَكِبَ عليها فلا يَعجَبْ بنَفْسِه ويَتكبَّرْ؛ لأنَّ الحاملَ الذي يسَّرَ له الرُّكوبَ هو اللهُ عزَّ وجلَّ؛ إذ كيف يُمكِنُه الرُّكوبُ ومُزاحمةُ الشيطانِ لولا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ هو الذي يسَّرَ له ذلك؟
وفي الحديثِ: بَيانُ قُدرةِ اللهِ على تَسخيرِ الدَّوابِّ وجميعِ المَخلوقاتِ لمَن يشاءُ مِن خلْقِه