حديث أبي موسى الأشعري 47
مستند احمد
حدثنا معتمر بن سليمان التيمي قال: قرأت على الفضيل بن ميسرة في حديث أبي حريز، أن أبا بردة حدثه قال: أوصى أبو موسى حين حضره الموت فقال: إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي، ولا يتبعني مجمر، ولا تجعلوا في لحدي شيئا يحول بيني وبين التراب، ولا تجعلوا على قبري بناء. " وأشهدكم أني بريء من كل حالقة أو سالقة أو خارقة قالوا أوسمعت فيه شيئا؟ قال: نعم. من رسول الله صلى الله عليه وسلم "
الجَنائزُ مَواضِعُ للاعتبارِ والعِظَةِ وتَذكُّرِ الموتِ والآخرةِ، ويَنبَغي للسَّائرِ فيها أنْ يَكونَ مُلْتزِمًا بأحكامِ الشَّرعِ الخاصَّةِ بها، وأنْ يَبتعِدَ عن عاداتِ الجاهليَّةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو بُرْدةَ بنُ أبي مُوسى الأشعريِّ: "أوْصَى أبو مُوسى الأشعريُّ حين حضَرَهُ الموتُ"، أي: في مرَضِ مَوتِه، "إذا انطلَقْتُم بجَنازتي فأسْرِعوا بي المشْيَ"؛ وذلك أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إذا وُضِعَتِ الجِنازةُ، فاحتمَلَها الرِّجالُ على أعناقِهم، فإنْ كانت صالحةً قالت: قَدِّموني، قَدِّموني"، قال أبو مُوسى رضِيَ اللهُ عنه: "ولا تَتْبَعوني بمِجْمَرٍ"، والمِجْمَرُ اسْمُ آلةٍ، وهُو ما يُوقَدُ فيه الطِّيبُ، والمعنى: لا تَتْبَعوني بشَيءٍ فيه نارٌ؛ لأنَّه لا فائدةَ فيه، وكان هذا مِن عاداتِ الجاهليَّةِ، وقدْ هدَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلكَ وزجَرَ عنْه، "ولا تَجعلَنَّ على لَحدِي شيئًا يحولُ بيْني وبيْن التُّرابِ"، والمُرادُ: أنْ يُجعَلَ جسَدُهُ يُباشِرُ التُّرابَ دونَ حائلٍ غيرِ الكفَنِ، "ولا تَجعلَنَّ على قَبْري بِناءً"، أي: بِناءً عاليًا، "وأُشهِدُكم أنِّي بَريءٌ مِن كلِّ حالِقةٍ"، وهي الَّتي تَحلِقُ رأْسَها عندَ المُصيبةِ، "أو سالقةٍ"، وهي الَّتي تَرفَعُ صَوتَها بالنَّدبِ أو النِّياحةِ، "أو خارقةٍ"، وهي الَّتي تَخرِقُ ثوبَها وتشُقُّه عندَ المُصيبةِ، ويُقال لها أيضًا: الشَّاقَّةُ، "قالوا: سمِعْتَ فيه شيئًا؟ قال: نعمْ، مِن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: إنَّ الَّذي يُوصِي به هو مِن قولِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن اتِّباعِ الجنائزِ بنارٍ إذا كان لغيرِ إضاءةٍ للَّيلِ ونحوِه
وفيه: التَّحذيرُ مِن الأفعالِ الشَّنيعةِ عندَ مُصيبةِ الموتِ