حديث أعرابي2
مسند احمد
حدثنا بهز، وعفان، قالا: حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، قال عفان في حديثه: حدثنا أبو قتادة، وأبو الدهماء، قال عفان: وكانا يكثران الحج، قالا: أتينا على رجل من أهل البادية، فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يعلمني مما علمه الله، فكان فيما حفظت عنه أن قال: " إنك لن تدع شيئا اتقاء لله، (1) إلا آتاك الله خيرا منه "
مِن أعمالِ القُلوبِ العَظيمةِ الخَوفُ مِنَ اللهِ تعالى؛ فمَن خاف مِنَ اللهِ تعالى وعَظَّمَه كان ذلك باعِثًا له على اجتِنابِ مَحارِمِ اللهِ تعالى ونَواهيه، ومَن تَرَكَ شَيئًا للَّهِ تعالى خَوفًا مِنه سُبحانَه أعطاه اللهُ خَيرًا مِن ذلك الشَّيءِ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أصحابَه هذه المَعانيَ العَظيمةَ؛ فعن أبي قَتادةَ -وهو تَميمُ بنُ نَذيرٍ- وأبي الدَّهماءِ -وهو قِرْفةُ بنُ بُهَيسٍ العَدَويُّ- وهما مِنَ التَّابِعينَ، أنَّهما كانا يُكثِرانِ السَّفرَ نَحوَ هذا البَيتِ، أي: الكَعبةِ، قالا: فأتَينا على رَجُلٍ مِن أهلِ الباديةِ، أي: الذينَ يَسكُنونَ في الباديةِ، وهيَ المَكانُ الواسِعُ فيه المَرعى والماءُ خارِجَ المَدينةِ، والسَّاكِنُ فيها يُقالُ له: بدَويٌّ، فقال البَدَويُّ: أخَذَ بيَدي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجَعَلَ يُعَلِّمُني مِمَّا عَلَّمَه اللهُ تَبارَكَ وتعالى، وقال: إنَّك لَن تَدَعَ شَيئًا، أي: مِمَّا حَرَّمَه اللهُ، اتِّقاءَ اللهِ جَلَّ وعَزَّ، أي: خَوفًا مِنه، إلَّا أعطاك اللهُ خَيرًا مِنه، أي: في الدُّنيا أو في الآخِرةِ، واللهُ تعالى هو الشَّاكِرُ الشَّكورُ، وهَل جَزاءُ الإحسانِ إلَّا الإحسانُ؟!
وفي الحَديثِ حِرصُ النَّبيِّ صَلَّى عليه وسَلَّمَ على تَعليمِ أُمَّتِه.
وفيه الدَّعوةُ إلى اللهِ تعالى في كُلِّ مَكانٍ.
وفيه أنَّ مِن أساليبِ التَّعليمِ الأخذَ بيَدِ الطَّالِبِ.
وفيه بَيانُ مَنزِلةِ الخَوفِ مِنَ اللهِ تعالى.
وفيه أنَّ مَن تَرَكَ شَيئًا للَّهِ عَوَّضَه اللهُ خَيرًا مِنه .