حديث البراء بن عازب 114

مستند احمد

حديث البراء بن عازب 114

 حدثنا حجين، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: " آخر سورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كاملة براءة، وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء {يستفتونك} [النساء: 176] إلى آخر [ص:596] السورة "

كان القُرآنُ يَنزِلُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُفرَّقًا؛ فتَنزِلُ عليه الآيةُ، أوِ الآياتُ فيَقولُ لأصحابِه رَضيَ اللهُ عنهم: ضَعوها في سُورةِ كذا، أوِ السُّورةِ الَّتي فيها كذا
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي البَراءُ بنُ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ آخِرَ سُورةٍ نزَلَت كامِلةً هي سُورةُ «بَراءةٌ»، وهي سُورةُ التَّوبةِ، سُمِّيَت بأوَّلِ كَلمةٍ فيها؛ قال تعالَى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1]، واستَشكَلَ قَولُه: «كامِلةً» بأنَّ سُورةَ التَّوبةِ نزَلَت شَيئًا فشَيئًا، وأُجيبَ بأنَّ المُرادَ بـ«نزَلَت»: نزَلَ بَعضُها، أو مُعظَهُما، ولفظُ «كامِلةً» زائدٌ؛ ولهذا حذَفَه البُخاريُّ عندَ إيرادِه الحَديثَ في التَّفسيرِ
وآخِرُ سُورةٍ نزَلَت خاتِمةُ سُورةُ النِّساءِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]. وليس المَقصودُ آخِرَ سُورةٍ نزَلَت مِن القُرآنِ؛ بلِ المَقصودُ آخِرُ آيةٍ مِن سُورةِ النِّساءِ، كما صُرِّحَ بذلك في رِوايةٍ في الصَّحيحينِ، أو آخِرُ ما نزَلَ في المَواريثِ
وقد ورَدَت رِواياتٌ أُخْرى تُحدِّدُ آخِرَ ما نزَلَ مِن القُرآنِ غيرَ ما ذكَرَ البَراءُ رَضيَ اللهُ عنه في هذا الحَديثِ، ومِن ذلك ما رَواه البُخاريُّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: «آخِرُ آيةٍ نزَلَت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ آيةُ الرِّبا»، وفي حَديثٍ آخَرَ في الصَّحيحَينِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: «إنَّ آخِرَ ما نزَلَ سُورةُ النَّصرِ»
ويُجمَعُ بيْنَهما أنَّ ما رَواه البَراءُ وابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهما لم يَنقُلاه نَصًّا، وإنَّما ذَكَراه عنِ استِقْراءٍ بحسَبِ ما اطَّلَعا عليه، وقيلَ: الآخِريَّةُ في آيةِ النِّساءِ مُقيَّدةٌ بما يَتعَلَّقُ بالمَواريثِ، وآيةُ الرِّبا آخِرُ ما نزَلَ في الرِّبا