حديث البراء بن عازب 48

مستند احمد

حديث البراء بن عازب 48

حدثنا إسماعيل، حدثنا ليث، عن عمرو بن مرة، عن معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب، قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «أي عرى الإسلام أوثق؟» ، قالوا: الصلاة، قال: «حسنة، وما هي بها؟» قالوا: الزكاة، قال: «حسنة، وما هي بها؟» قالوا: صيام رمضان. قال: «حسن، وما هو به؟» قالوا: الحج، قال: «حسن، وما هو به؟» قالوا: الجهاد، قال: «حسن، وما هو به؟» قال: «إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله»

مَقاديرُ الخَلائقِ كُلُّها بيَدِ اللهِ وَحْدَه؛ فهو علَّامُ الغُيوبِ، وعلى المُسلِمِ أنْ يَتوَكَّلَ على اللهِ، ويَأخُذَ بالأسْبابِ، ثمَّ يُفوِّضَ أمْرَه إلى اللهِ تعالَى
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عبدُ اللهِ بنُ مُحَيْريزٍ، أنَّه سَأَلَ الصَّحابيَّ أبا سَعيدٍ الخُدْريَّ رَضيَ اللهُ عنه عن حُكمِ العَزلِ، والعَزلُ يكونُ بنَزْعِ الذَّكَرِ مِن فَرْجِ المَرْأةِ قبْلَ الإنْزالِ، ويُنزِلُ الرَّجلُ خارِجَ الفَرْجِ؛ مَنعًا لحُدوثِ الحَمْلِ، فأخْبَرَه أبو سَعيدٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم خَرَجوا معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوةِ بَني المُصْطَلِقِ، وهمْ فَرعٌ مِن قَبيلةِ خُزاعةَ، وكان هذا سَنةَ خَمسٍ أو سِتٍّ مِن الهِجْرةِ، وتُسمَّى أيضًا المُرَيْسيعَ، وحدَث في هذه الغَزْوةِ أنْ أصابوا سَبْيًا، والسَّبْيُ: هو النِّساءُ الَّتي تُؤخَذُ مِن الكُفَّارِ بعْدَ قِتالِهم، فاشْتَهَوُا النِّساءَ، واشتَدَّتْ عليهمُ العُزْبةُ -أي: فَقْدُ الأزواجِ والنِّكاحِ-، وأحَبُّوا العَزْلَ، يَعني: أرادوا جِماعَ النِّساءِ اللَّاتي سَبَوْهنَّ بعْدَ أنْ صِرْنَ لهم، ولكنَّهم أحَبُّوا العَزْلَ حتَّى لا تَحمِلَ هذه السَّبايا، فقالوا: «نَعزِلُ ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْن أظْهُرِنا قبْلَ أنْ نَسأَلَه» عن الحكْمِ؟! لأنَّه وَقَعَ في نُفوسِهم أنَّه مِن الوأْدِ الخَفيِّ كالفِرارِ مِن القَدَرِ، فلمَّا سَأَلوه قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما عليكم ألَّا تَفْعَلوا»، أي: لا بأْسَ عليكم إنْ عَزَلْتُم؛ إذ إنَّه لنْ يُغيِّرَ مِن قَدَرِ اللهِ شَيئًا؛ فـ«ما مِن نَسَمةٍ كائنةٍ إلى يَومِ القيامةِ إلَّا وهي كائِنةٌ»، يَعني: ما مِن نفْسٍ كائنةٍ في عِلمِ اللهِ تعالَى إلَّا وهي كائنةٌ في الواقعِ، سَواءٌ حدَثَ العَزْلُ أو لم يَحدُثْ؛ لأنَّه قدْ يَكونُ معَ العَزْلِ إنزالٌ بقَليلِ الماءِ الَّذي قدَّرَ اللهُ أنْ يكونَ منه الولَدُ، وقدْ يوجَدُ الإنزالُ ولا يكونُ ولَدٌ؛ فالعَزْلُ أوِ الإنزالُ مُتَساوِيانِ في ألَّا يَكونَ منه ولَدٌ إلَّا بتَقْديرِ اللهِ تعالَى
وفي الحَديثِ: مَشْروعيَّةُ العَزلِ
وفيه: حِرصُ الصَّحابةِ على تَعلُّمِ أُمورِ دِينِهم مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفيه: مَشْروعيَّةُ اسْتِرْقاقِ المُحارِبينَ مِن  العرَبِ وتَملُّكِهم كسائرِ فِرَقِ العَجَمِ