حديث الحكم بن حزن الكلفي

مستند احمد

حديث الحكم بن حزن الكلفي

 حدثنا الحكم بن موسى، قال: عبد الله، وسمعته من الحكم، حدثنا شهاب بن خراش، حدثني شعيب بن رزيق الطائفي، قال: كنت جالسا عند رجل يقال له الحكم بن حزن الكلفي، وله صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فأنشأ يحدثنا، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة، أو تاسع تسعة، قال: فأذن لنا فدخلنا، فقلنا: يا رسول الله، أتيناك لتدعو لنا بخير، قال: فدعا لنا بخير، وأمر بنا، فأنزلنا، وأمر لنا بشيء من تمر، والشأن إذ ذاك دون، قال: فلبثنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما، شهدنا فيها الجمعة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا على قوس، - أو قال على عصا -، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات، طيبات، مباركات، ثم قال: " يا أيها الناس إنكم لن تفعلوا، ولن تطيقوا كل ما أمرتم به، ولكن سددوا وأبشروا

كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخْطُبُ النَّاسَ يومَ الجُمُعَةِ، ويُذكِّرُهُمْ باللهِ تعالى، ويَعِظُهُمْ بكلماتٍ خفيفاتٍ واضحاتٍ جامِعاتٍ، فمِنَ السُّنَّةِ ألَّا يُطيلَ الإمامُ في الخُطْبةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ الحَكَمُ بنُ حَزْنٍ الكُلَفيُّ: "وَفَدتُ"، أي: ذَهَبْتُ وافِدًا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "سابِعَ سَبْعةٍ"، أي: في سَبْعةٍ أنا سابِعُهُم، "أو تاسِعَ تِسْعةٍ"، أي: في تِسْعةٍ أنا تاسِعُهُم، والشَّكُّ مِنَ الرَّاوي، "فدَخَلْنا عليه"، أي: على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فقلنا: يا رسولَ اللهِ، زُرْناكَ"، أي: أتَيناكَ زائِرينَ، وللزَّائرِ حقٌّ، "فادْعُ اللهَ لنا بخيرٍ، فأَمَرَ بنا، أو أَمَرَ لنا" الشَّكُّ مِنَ الراوي، أي: أَمَرَ بَعْضَ خَدَمِه أو غَيرِهم مِنَ الصَّحابةِ، "بشيءٍ"، أي: بقَليلٍ مِنَ التَّمْرِ، "والشَّأنُ"، أي: والحالُ، "إذ ذاك"، أي: في ذاك الزَّمانِ، "دُونٌ"، أي: ضعيفةٌ مِنَ الفَقْرٍ وشِدَّةِ المعيشَةِ، وهذا اعْتِذارٌ مِنْ قِلَّةِ التَّمْرِ
قال: "فأَقَمْنا بها"، أي: بالمدينةِ، "أيَّامًا شَهِدْنا"، أي: حَضَرْنا، "فيها"، أي: في هذه الأيَّامِ "الجُمُعَةَ"، أي: صَلاتَها وخُطْبتَها "مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقام" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "مُتوكِّئًا على عَصًا"، أي: مُتحامِلًا ومُعْتمِدًا عليها، "أو قوسٍ" الشَّكُّ مِنَ الرَّاوي، "فحَمِدَ اللهَ وأَثْنى عليه" بما هو أَهْلُه، "كلماتٍ"، أي: أَثْنى عليه بكلماتٍ أو خَطَبَ بكلماتٍ، "خفيفاتٍ طيِّباتٍ مُبارَكاتٍ"، أي: مُشْتَمِلةٍ على كلماتٍ خفيفةٍ واضحةٍ جليَّةٍ جامِعةٍ، "ثم قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خُطبتِهِ: "أيُّها النَّاسُ، إنَّكُمْ لنْ تُطيقوا، أو لَنْ تَفْعَلوا"- الشَّكُّ مِنَ الرَّاوي- "كُلَّ ما أُمِرتُمْ به"، أي: ليس لكم طاقةٌ أنْ تُؤَدُّوا جميعَ ما أُمِرْتُم به، "ولكن سَدِّدوا"، أي: اطْلُبوا بأعمالِكُمُ السَّدادَ والقَصْدَ في الأمرِ والعَدْلِ فيه، "وأَبْشِروا"، أي: أَبْشِروا بالثَّوابِ على العملِ وإنْ قَلَّ
وفي الحَديثِ: تَبشيرُ النَّاسِ بالخيرِ، والبُعْدُ عَنْ إشعارِهِم باليَأسِ
وفيه: أهمِّيَّةُ المداومةِ على الأعمالِ الصَّالِحةِ وإنْ قلَّتْ