حديث الحكم بن عمرو الغفاري 2
مستند احمد
حدثنا سفيان بن عيينة، قال: عمرو يعني ابن دينار، قلت لأبي الشعثاء: إنهم يزعمون «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر» ، قال: يا عمرو أبى ذلك البحر، وقرأ {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} يا عمرو: أبى ذلك البحر، قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري [ص:405] يعني بقوله: أبى ذلك علينا البحر: ابن عباس "
راعى الإسلامُ حاجاتِ النَّاسِ في الانتفاعِ بأموالِهم، وبيَّنَ ما يصِحُّ الانتفاعُ به وما يَحرُمُ، كما أزال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مواضعَ الشُّبهاتِ التي لا تتَّضِحُ للنَّاسِ؛ حتَّى يُيسِّرَ عليهم أُمورَهم
كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ؛ حيث روى عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: "ماتت شاةٌ"، أي: إحدى الأغنامِ، "لِسَودةَ" وهي أُمُّ المؤمنين سودةُ بنتُ زَمْعةَ؛ زوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فقالت: يا رسولَ اللهِ, ماتت فلانةُ -تعني الشَّاةَ- قال: فلولا أخذْتُم مَسْكَها"، أي: جِلْدَها بعدَ سَلْخِه، "قالت: نأخُذُ مَسْكَ شاةٍ قد ماتت؟!" وهذا الاستفهامُ لأنَّ أكلَ الميتةِ حرامٌ، فظنَّتْ أنَّ جِلْدَها مُحرَّمٌ أيضًا، "فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّما قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145]"، أي: إنَّ المُحرَّمَ مِن الميتةِ هو أكْلُ لَحمِها، "وإنَّكم لا تَطْعَمونه"، أي: لا تأْكُلون لَحْمَها وهي ميتةٌ، "إنَّما تَدْبُغونه، فتَنتفِعون به" والدِّباغُ يكونُ بحشْوِ الجِلْدِ بالمِلحِ أو الرَّمادِ ونحوِه؛ حتَّى لا يَنْتُنَ، ثمَّ يُجفَّفُ، وبذلك يُصبِحُ طاهرًا، "فأرسلَتْ إليها، فسلَخَتْ مَسْكَها"، أي: فُصِلَ الجِلْدُ عن اللَّحمِ، "فدبَغَتْه فاتَّخذَت منه قِربةً"، وهي وعاءٌ للماءِ، "حتَّى تخرَّقَت عندها"، أي: حتَّى مرَّ عليها الزَّمنُ وقَدُمَت وتمزَّقَت
وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ الانتفاعِ بجِلْدِ الشَّاةِ الميتة بعدَ سَلْخِه ودِباغتِه