حديث: السائب بن خلاد أبو سهلة 10
مسند احمد
قرأت على عبد الرحمن بن مهدي: مالك. وحدثنا روح، قال: حدثنا مالك يعني ابن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن خلاد بن السائب الأنصاري، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني جبريل عليه السلام فقال: أن آمر أصحابي، أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، أو بالإهلال "، يريد أحدهما
التَّلبِيَةُ مِن شَعائرِ الحجِّ، ورَفْعُ الصَّوتِ بها إظهارٌ لهذه الشَّعيرةِ العظيمةِ
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "أتاني جِبْريلُ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، فأمَرني"، يعني: أبلَغَني بأمرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهذا إشارةٌ لعِظَمِ هذا الأمرِ، "أن آمُرَ أصحابي ومَن مَعي أن يَرفَعوا أصواتَهم"، يعني: في حُدودِ الاستِطاعةِ بغَيرِ ضَررٍ، "بالإهلالِ، أو قال: بالتَّلبيَة، والإهلالُ: هو رَفعُ الصَّوتِ بالتَّلبيَةِ، والتَّلبيةُ: هي قولُ: لبَّيكَ اللَّهمَّ لبَّيك
وقولُه: "يُريدُ أحَدَهما"، أي: إنَّ راوِيَ الحديثِ يُخبِرُ في حَديثِه بلَفْظةٍ مِنهُما: الإهلالِ أو التَّلبيةِ؛ على الشَّكِّ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم سُئِلَ: "أيُّ الحجِّ أفضَلُ؟ بمَعْنى ما أفضَلُ أعْمالِ الحَجِّ بعدَ تَحْقيقِ فِعلِ أركانِهِ وشُروطِهِ وواجباتِهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "العَجُّ"، وهو أنْ يَجهَرَ المُلبِّي بالتَّلبيةِ، ويَرفَعَ بها صوتَهُ وهي: "لبَّيْكَ اللَّهمَّ لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شَريكَ لك لبَّيْكَ"، وهي تَعني إجابةَ المُلبِّي لنِداءِ اللهِ بعدَ إجابةٍ، وتتضمَّنُ المحَبَّةَ الكامِلةَ بالْتِزامِ الطَّاعةِ والإقامةِ عليها، "إنَّ الحمْدَ والنِّعمةَ لك والمُلكَ، لا شَريكَ لك"، وفي هذا اعتِرافٌ للهِ بأنَّه مالِكُ المُلكِ، وأنَّه هو الواحِدُ الأحَدُ لا شَريكَ له، ثمَّ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "والثَّجُّ"، وهو ذَبحُ الهَدْيِ والأَضاحيِّ، وإراقةُ دِمائِها وسَيَلانُها، وقيلَ: إنَّه يُريدُ بذلك كُلَّ أفْعالِ الحجِّ مِن أوَّلِها إلى مُنتَهاها؛ لأنَّها تَبدَأُ بالذِّكرِ والتَّلبيةِ، وتنتَهي بالذَّبحِ والهَدْيِ؛ فذكَرَ الحدَّينِ لِيَشمَلَ ما بيْنَهما مِن أعْمالٍ، كأنَّ كُلَّ أعْمالِ الحجِّ عَظيمةٌ وجَليلةٌ ويَنبَغي إتمامُها