حديث: السائب بن خلاد أبو سهلة 6
مسند احمد
حدثنا سريج بن النعمان، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة الجذامي، عن صالح بن خيوان، عن أبي سهلة السائب بن خلاد، أن رجلا أم قوما فبسق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: «لا يصل لكم» ، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «نعم» [ص:96]، وحسبت أنه قال: «آذيت الله عز وجل»
على كُلِّ مُسلمٍ أنْ يُراعِيَ الآدابَ الشَّرعيَّةَ في المَساجِدِ. والقِبْلةُ هي: وِجْهةُ الصَّلاةِ والجِهةُ التي يَستقبِلُ بها اللهَ سبحانه وتعالى، ويَنبَغي أنْ تُصانَ مِن الأَذى والقَذَرِ، وقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحذِّرُ مِن التَّنخُّمِ والبَصْقِ فيها
وفي هذا الحديثِ يقولُ السَّائبُ بنُ خلَّادٍ رَضيَ اللهُ عنه: "إنَّ رجُلًا أَمَّ قَومًا"، أي: صلَّى بهم إمامًا، "فبَصَقَ في القِبلةِ"، أي: تَفَلَ وألْقى ما في فَمِه مِن اللُّعابِ أو النُّخامةِ، "وقد كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنظُرُ"، أي: يَرقُبُ فَعلتَه تلك؛ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ فَرَغَ: "لا يُصَلِّ لكُم"، أي: لا يُصَلِّ إِمامًا بعْدَ ذلك، "فأَرادَ بعدَ ذلك"، أيِ: الرَّجُلُ، "أنْ يُصلِّيَ لهم؛ فمَنَعوه"، أي: تَنْفيذًا لأَمْرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "وأَخبَرُوه بقَولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: بمَنْعِه مِن الإمامةِ، "فذُكِرَ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتأكَّدُ منه ويَعرِفُ سَبَبَ مَنْعِه، فقالَ له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نَعمْ". ... قالَ الرَّاوي: "وحَسِبْتُ أنَّه قالَ"، أي: قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للرَّجُلِ: "إنَّك آذَيْتَ اللهَ ورسولَه"، أي: إنَّك فَعَلْتَ فِعلًا مَنهِيًّا عنه، لا يُرضِي اللهَ ولا رسولَه. وليس أَذى اللهِ سبحانه وتعالى مِن جِنسِ الأَذى الحاصِلِ للمَخْلوقينَ
وفي الحديثِ: أنَّ الأقْرأَ يُقدَّمُ إلى الإمامةِ إذا كان يُراعِي آدابَ الشَّرْعِ، وإلَّا فمَن لا يُراعِي ذلك لا يَستحِقُّ التَّقدُّمَ