حديث المستورد بن شداد 9
مستند احمد
حدثنا حسن بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا الحارث بن يزيد الحضرمي، عن عبد الرحمن بن جبير، أنه كان في مجلس فيه المستورد بن شداد وعمرو بن غيلان بن سلمة فسمع المستورد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ولي عملا فلم يكن له زوجة فليتزوج، أو خادما فليتخذ خادما، أو مسكنا، أو دابة، فليتخذ، دابة، فمن [ص:547] أصاب شيئا سوى ذلك، فهو غال، أو سارق»
حَرَصَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أنْ يَكفُلَ لِعُمَّالِه حَدًّا لِكِفايَتِهم؛ مِن زَواجٍ ومَسكَنٍ وخادِمٍ؛ إعفافًا لهم عنِ السُّؤالِ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن وَليَ لنا عَمَلًا" مِن أعمالِ الوِلايةِ والإمارةِ، "وليس له مَنزِلٌ، فليَتَّخِذْ مَنزِلًا"، أي: يَحِلُّ له أنْ يَأْخُذَ مِن بَيتِ مالِ المُسلِمينَ مِمَّا في تَصَرُّفِه أجْرَ ما يَسكُنُ فيه، "أو لَيسَتْ له زَوجةٌ فليَتزَوَّجْ" ويَحِلُّ له أخْذُ مِقدارِ مَهرِ زَوجةٍ مِن غَيرِ تَبذيرٍ وإسْرافٍ، "أو ليس له خادِمٌ فليَتَّخِذْ خادِمًا" وكذلك لِلوالي أوِ الأميرِ أنْ يَتَّخِذَ خادِمًا مِن بَيتِ مالِ المُسلِمينَ.والمُرادُ بالحَديثِ: أنَّ العامِلَ أوِ الوَاليَ له أنْ يَأْخُذَ مِن بَيتِ مالِ المُسلِمينَ مَؤونةَ زَواجِه ونفقتِه، ويَتَّخِذَ خادِمًا ومَسكَنًا إنْ لم يَكُنْ له ذلك؛ لِيَتَفرَّغَ لِلعَمَلِ مُدَّةَ وِلايَتِه، وقدْ ذكَرَ بعضُ العلماءِ أنَّ هذا المعنَى خاصٌّ بالوالي الأعظمِ ومَن يَنوبُه مِن ولاةِ الأقاليمِ فقط. وقيلَ: مَعناه: أنَّه يُباحُ له اكتِسابُ ذلك مِن عِمالَتِه -التي هي أُجرةُ مِثلِ عَمَلِه- وراتِبِه الذي يأْخُذُه، واستثنَى بعضُهم المسكنَ والخادمَ، وجعَلَه من بيتِ المالِ مِن غيرِ أُجرتِه، وجعَل الزَّواجَ مِن راتبِه وأُجرةِ مِثلِه. وقيلَ: المَقصودُ مِن كَونِه يَتَّخِذُ مَسكَنًا أنَّه إذا ذَهَبَ إلى مُهِمَّةٍ يُهَيِّئُ له المَسكَنَ، وكذلك يُهَيِّئُ له خادِمًا، فإنَّه يُمَكَّنُ مِن ذلك، "ومَن أصابَ شَيئًا سِوى ذلك"، يَعني: ما ذُكِرَ، وهو في حالةِ الحاجة مِن غَيرِ سَرَفٍ ولا تَرَفٍ، "فهو غالٌّ"، يَعني: خائِنٌ أو سارِقٌ