حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة، كما لم يعمل في الدنيا، وإن الكافر ليرى جهنم، ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة "
تَوَعَّدَ اللهُ الكافِرينَ في كِتابِه بالعَذابِ الشَّديدِ، وقد أخبَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وفَصَّلَ في بَعضِ ما يَلحَقُ الكافِرَ مِن عَذابِ يَومِ القيامةِ، وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن جُملةٍ مِمَّا يُعَذَّبُ به الكافِرُ يَومَ القيامةِ؛ فيَقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يُنصَبُ لِلكافِرِ يَومَ القيامةِ خمسين ألف سنة"، والمَعنى: أنَّ الكافِرَ يَظَلُّ مُنتَظِرًا الحِسابَ مِقدارَ خَمسينَ ألْفَ سَنةٍ، "كما لم يَعمَلْ في الدُّنيا"، أي: جَزاءً على تَركِه فِعلَ الخَيرِ في الدُّنيا، ولَعَلَّ المُرادَ بتَركِه العَمَلَ هو تَركُه لِلتَّوحيدِ والإيمانِ باللهِ عَزَّ وجَلَّ، "وإنَّ الكافِرَ لَيَرى جَهَنَّمَ" بمَعنى: أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ سيُطلِعُ الكافِرَ على مَوقِعِ عَذابِه في جَهَنَّمَ، ويَتحَقَّقُ له أنَّه واقِعٌ فيها لا مَحالةَ قَبلَ أنْ يَدخُلَها بمِقدارِ أنْ يَسيرَ الإنسانُ على قَدَمِه أربَعينَ سَنةً، قال تَعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف: 53]؛ لِيَكونَ ذلك مِن بابِ تَعجيلِ الهَمِّ والحَزَنِ لهم؛ فإنَّ تَوَقُّعَ العَذابِ والخَوفَ منه قَبلَ وُقوعِه عَذابٌ ناجِزٌ.والمَقاديرُ الوَقتيَّةُ المَذكورةُ في الحَديثِ إنَّما هي بتَقديرِ المَواقيتِ الأُخرَويَّةِ، وليستِ الدُّنيَويَّةَ، كما قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ في كِتابِه: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47].