حديث المهاجر بن قنفذ
مستند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، قال: سئل عن رجل يسلم عليه وهو غير متوضئ؟ فقال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن الحضين أبي ساسان، عن المهاجر بن قنفذ، أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ، فلم يرد عليه حتى توضأ فرد عليه وقال: «إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة» [ص:382] قال: فكان الحسن من أجل هذا الحديث يكره أن يقرأ أو يذكر الله عز وجل حتى يتطهر
عَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيف نَذكُر اللهَ مع تَنزِيهِه، كمَا حَثَّنا على المُحافَظةِ على الطَّهارة، لِما في ذلك كُلِّه من الفَضلِ والثَّوابِ من اللهِ سُبحانَه
وفي هذا الحديث يُخبِرُ المُهاجِرُ بْنُ قُنْفُذ: «أنَّه أَتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَبولُ»، ولعلَّه كانَ يَبولُ في حائِطٍ من حَوائِط المَدينةِ، «فسَلَّمَ عليه، فلم يَرُدَّ عليه»، أي: لم يرُدَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ السَّلامَ وهو على تِلك الحالِ، «حتى تَوضَّأ ثم اعْتَذَرَ إليه»، وذلك أنَّ الأصْلَ عند المُسلِمينَ رَدُّ السَّلامِ على مَن ألْقاهُ عليهم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن سَبَبِ تَركِه لِردِّ السَّلام: «إِنِّي كَرِهْتُ أنْ أَذْكُرَ اللهَ- عَزَّ وجَلَّ- إلا على طُهْرٍ-أو قال: على طَهارةٍ-»، وكأنَّه كَرِهَ ذِكرَ اللهِ على تلك الحَالِ من انْكِشافِ العَورةِ والحَدثِ، وعَدمِ الطَّهارة، وهذا دَليلٌ على أن السَّلامَ الذي يُحَيي به النَّاسُ بعضُهم بَعضًا اسمٌ من أسْمائِه تَعالى، ويَحتَملُ أنْ يُراد بِذكرِ اللهِ ذِكرُ ما جَعلَه اللهُ تَعالى سُنَّةً للمُسلِمين وتَحيَّةً لهم، فإنَّ ذلك يَقتَضي احْتِرامَه
وفي الحديثِ: الحَثُّ على المُحافَظةِ على الطَّهارةِ عِندَ ذِكرِ اللهِ؛ لِما فيه مِن الفَضلِ
وفيه: تَنْزيهُ اللهِ تعالى عن أنْ يُذكَر عَلى حالٍ وهَيئةٍ غَير حَسنةٍ، كحالِ التبوُّلِ ونحوِه