حديث جابر بن سمرة السوائي96
مسند احمد
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة قال: جئت أنا وأبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " لا يزال هذا الأمر صالحا حتى يكون اثنا عشر أميرا "، ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: " كلهم من قريش "
وأخبَرَ أنَّه سَمِع النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «عُصَيْبَةٌ مِنَ المسْلِمين يَفتَتِحون البيتَ الأبيضَ، بيتَ كِسْرَى، أو آلِ كِسْرَى» والعُصَيْبَةُ: تصغيرُ العِصابَةِ، وهي الجماعةُ من الناسِ، وأقلُّهم أربعون، ويُحتَمَل أن يكونَ هذا التصغيرُ لِلمُفتَتِحين؛ لِقِلَّةِ مَن باشَر فَتْحَ بيتِ كِسْرَى، والبيتُ الأبيضُ: قَصْرٌ حَصينٌ كان بالمَدائنِ، الَّتي كانتْ عاصمةَ بِلادِ الفُرْسِ، وقيل: هو الحِصْنُ الَّذي بهَمْدَانَ بَناه دارا بنُ دارا.
ورَوى أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ أنَّ مِن آياتِ وعَلاماتِ اقترابِ يوْمِ القيامةِ ظُهورَ الكذَّابِين، وهُم الَّذِين يَدَّعُونَ النُّبوَّةَ، كما في رِوايةٍ لابنِ ماجهْ مِن حَديثِ ثَوبانَ مَولى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «وإنَّ بيْن يَدَي السَّاعةِ دَجَّالِين كذَّابِين، قَريبًا مِن ثَلاثينَ، كلُّهم يَزعُمُ أنَّه نَبيٌّ»، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحَذَرِ منهم، بقولِه: «فاحْذَرُوهم»، أي: خافوا شَرَّ فِتنتِهم واعْتَزِلوهم واحْذَرُوا من مُخالطتِهم؛ لأنَّه يُخاف منهم إفسادُ دِينِ العامَّة لاقتدائِهم بِهم، ومَن كان عالِمًا فلْيَستعدَّ ولْيتأهَّبْ لكَشْفِ عَوارِهم وهَتْكِ أَستارِهم، وتَزييفِ أقوالِهم وتَقبيحِ أفعالِهم؛ ليَحذرَهم النَّاسُ ويبورَ ما جاؤوا به مِن الباطِلِ والتَّلبيسِ على النَّاسِ؛ فإنَّه لا يَلتَبِس الصادِقُ بالكاذِبِ على مَن أَخَذَ بِحَذَرِه.
وأخبَرَ أنَّه سَمِع النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأمُرُ مَن رَزَقَه اللهُ خيرًا -أي: مالًا- أنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِه وأهلِ بَيْتِه في النَّفقاتِ؛ فالإنفاقُ على الأهلِ أفضلُ مِنَ الصَّدَقَةِ على الفُقَراءِ؛ لأنَّ الإنفاقَ على الأهلِ صَدَقَةٌ وصِلَةٌ وكَفَافٌ وعَفَافٌ، فكان ذلك أَوْلَى.
وأخبَرَ أنَّه سَمِع النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «أنا الفَرَطُ على الحَوْضِ» أي: السابِقُ إليه والمُنتَظِرُ لِسَقْيِكم منه، والحَوْضُ: هو مُجتَمَعُ الماءِ، وهو ممَّا أعطاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ لنَبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوْمَ القيامةِ؛ زِيادةً في إكرامِهِ ولُطفِه به وبأُمَّتِه، وقدْ وَرَد عندَ مُسلمٍ بَيانُ صِفتِه، عن أبي ذَرٍّ، قال: قلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما آنيةُ الحوْضِ؟ قال: «والَّذي نفْسُ محمَّدٍ بيَدِه، لَآنِيَتُه أكثَرُ مِن عدَدِ نُجومِ السَّماءِ وكَواكبِها، ألَا في اللَّيلةِ المُظلِمةِ المُصْحِيةِ، آنيةُ الجنَّةِ مَن شَرِب منها لم يَظمَأْ آخِرَ ما عليه، يَشْخَبُ فيه مِيزابانِ مِن الجنَّةِ، مَن شَرِب منه لم يَظمَأْ، عَرْضُه مِثلُ طُولِه، ما بيْن عُمانَ إلى أيْلةَ، ماؤهُ أشدُّ بَياضًا مِن اللَّبنِ، وأحْلى مِن العسَلِ».
وفي الحديثِ: مُعجزةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وإخبارُه بفَتْحِ المسْلِمين لبيتِ كِسْرَى.
وفيه: ثُبوتُ الحَوْضِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن مُدَّعِي النُّبوَّةِ والكذَّابِينَ.
وفيه: فضلُ قُرَيْشٍ.