حديث جبير بن مطعم 39

مسند احمد

حديث جبير بن مطعم 39

 حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، وقال يزيد بن هارون: عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل في صلاة، فقال: «الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الحمد لله بكرة وأصيلا - ثلاثا - سبحان الله بكرة وأصيلا - ثلاثا - اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه» قال عمرو: " وهمزه: الموتة، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشعر "

كان الصَّحابةُ يَحرِصونَ على مُتابَعةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أحوالِه؛ لِمَعرِفةِ هَدْيِه وسُنَّتِه، والعملِ بها، وتعليمِها مَن بعدَهم

وفي هذا الحَديثِ يَقولُ جُبَيرُ بنُ مُطعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه: "رَأيتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين دَخَلَ في الصَّلاةِ قالَ :اللهُ أكبَرُ كَبيرًا"، فكَبَّرَ اللهَ، وهو سُبحانَه أكبَرُ مِن كُلِّ شَيءٍ في الكَونِ، ومَوقِعُ هذا الدُّعاءِ في الصَّلاةِ يَكونُ بَعدَ تَكبيرةِ الإحرامِ، وقَبلَ الفاتِحةِ، وهو ما يُعرَفُ بدُعاءِ الاستِفتاحِ، "والحَمدُ للهِ كَثيرًا" ومَعناها الاعتِرافُ بأنَّ اللهَ هو المُستَحِقُّ وَحدَه لِمَعاني الشُّكرِ والثَّناءِ، "وسُبحانَ اللهِ"، ومَعناها التَّنزيهُ الكامِلُ للهِ تَعالى عن كُلِّ نَقصٍ، ووَصفُه بالكَمالِ التَّامِّ الذي يَليقُ بجَلالِه، "بُكرةً وأصيلًا"، في كُلِّ الأوقاتِ في الصَّباحِ والمَساءِ، وقيلَ: خَصَّ هذَيْنِ الوَقتَيْنِ لِاجتِماعِ مَلائِكةِ اللَّيلِ والنَّهارِ فيهما، ويُمكنُ أنْ يَكونَ وَجهُ التَّخصيصِ تَنزيهَ اللهِ تَعالى عنِ التَّغَيُّرِ في أوقاتِ تَغَيُّرِ الكَونِ، "ثَلاثًا"، يُكَرِّرُ هذا الدُّعاءَ والثَّناءَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثم يَقولُ: "أعوذُ باللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ"، بمَعنى: ألتَجئُ إلى اللهِ وأحتَمي به مِن شَرِّ الشَّيطانِ "مِن نَفْخِه"، وهو كِنايةٌ عَمَّا يُسَوِّلُه لِلإنسانِ مِنَ الاستِكبارِ والخُيَلاءِ؛ فيَتعاظَمُ في نَفْسِه، كالذي نُفِخَ فيه، فيَتكَبَّرُ على الناسِ، فيَأخُذُ صِفةً مِن صِفاتِ اللهِ التي استَأثَرَ بها لِنَفْسِه. "ونَفْثِه"، وأصلُ النَّفثِ في اللُّغةِ أنْ يَكونَ بالفَمِ، شَبيهَ النَّفخِ، وهو أقَلُّ مِنَ التَّفلِ، وقيلَ: نَفثُه هو الشِّعرُ، وإنَّما سُمِّيَ النَّفثُ شِعرًا لِأنَّه كالشَّيءِ الذي يَنفُثُه الإنسانُ مِن فيه كالرُّقيةِ، وهو ما يَأمُرُ به الناسَ الشُّعراءَ بإنشاءِ الشِّعرِ المَذمومِ مِمَّا فيه هَجرُ مُسلِمٍ أو كُفرٌ أو فِسقٌ، وقيلَ: النَّفثُ بمعنى السِّحرِ. "وهَمْزِه" قيلَ: هو المُوتةُ، وهي الجُنونُ، وسَمَّاه هَمزًا؛ لِأنَّه جُعِلَ مِنَ النَّخسِ والغَمزِ، وقيلَ: هَمزُه هو ما يُوَسوِسُ به لِلنَّاسِ، قالَ اللهُ تَعالَى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} [المؤمنون: 97]، وهَمَزاتُه خَطَراتُه التي يَخطِرُها بقَلبِ الإنسانِ