حديث جبير بن مطعم 9
مسند احمد
حدثنا يحيى بن سعيد، عن مسعر، قال: حدثني عمرو بن مرة، عن رجل، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع: «الله أكبر كبيرا - ثلاث مرار - والحمد لله كثيرا - ثلاث مرار - وسبحان الله [ص:303] بكرة وأصيلا - ثلاث مرار - اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه» قلت: يا رسول الله، ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال: «أما همزه فالموتة التي تأخذ ابن آدم، وأما نفخه الكبر، ونفثه الشعر»
هذا الحديثُ قد اشتمَلَ على دُعاءٍ مِن الأدعيةِ الجوامعِ الَّتي كان يَدْعو بها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فيَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنه: "يا أبا بكرٍ، قُلِ: اللَّهُمَّ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ"، أي: خالِقَهما ومُبدِعَهما، "عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ" الغيبُ: ما غاب عن العِبادِ، والشَّهادةِ: ما شاهَدُوه، "لا إلهَ إلَّا أنت"، أي: أشهَدُ أنَّه لا مَعْبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، "ربَّ كلِّ شَيءٍ ومَلِيكَه"، أي: المالِكَ لكلِّ شيءٍ، المُتصرِّفَ فيه بمَشيئتِكَ، "أعوذُ بك مِن شَرِّ نفْسي"، أي: ألْتَجِئُ إليك وأحتَمِي بك مِن النَّفسِ الأمَّارةِ بالسُّوءِ، "ومِن شَرِّ الشَّيطانِ وشِرْكِه"، أي: مِن إغوائِه ووَسْوستِه، وشِرْكُ الشَّيطانِ، يَعْني: ما يَدْعو إليه مِن الشِّركِ والكُفرِ، أو أحْتِمي بك مِن حبائلِ الشَّيطانِ ومصائدِه، "وأنْ أقتَرِفَ على نَفْسي سُوءًا، أو أجُرَّه إلى مسلمٍ"، أي: أعوذُ بك مِن أنْ أجُرَّ على نَفْسي سُوءًا أو أتسبَّبَ به لمُسلمٍ؛ لأنَّ النَّفْسَ أمَّارةٌ بالسُّوءِ، ميَّالةٌ إلى الشَّهواتِ واللَّذَّاتِ الفانيةِ
واستعاذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن نفْسِه مع أنَّه مَجبولٌ على الخيرِ؛ وذلك أنَّ المُرادَ منه الدُّعاءُ بالدَّوامِ والثَّباتِ على ما هي عليه، وأيضًا تعليمٌ الأُمَّةِ وإرشادُهم إلى طريقِ الدُّعاءِ