حديث حابس
مستند احمد
حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا حريز، قال: سمعت عبد الله بن غابر الألهاني، قال: دخل المسجد حابس بن سعد الطائي، من السحر - وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم - فرأى الناس يصلون في مقدم المسجد، فقال: مراءون ورب الكعبة، أرعبوهم، فمن أرعبهم فقد أطاع الله ورسوله، قال: فأتاهم الناس، فأخرجوهم، قال: فقال: «إن الملائكة تصلي من السحر في مقدم المسجد»
تَقسيمُ اللَّيلِ إلى وَقتٍ للعِبادةِ ووَقتٍ للرَّاحةِ؛ أنشَطُ للجِسمِ والنفْسِ، وأدْعى للاستِمرارِ والدَّوامِ والمُواظَبةِ على قِيامِ اللَّيلِ دونَ سآمةٍ أو مَلَلٍ، وأفضلُ الأعمالِ ما داوَمَ عليه فاعِلُه
وفي هذا الحديثِ تَذكُرُ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها حالَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في آخِرِ اللَّيلِ عندَما يكونُ عندَها، فتَقولُ: ما ألْفاه السَّحَرُ عِندي إلَّا نائمًا، -والسَّحَرُ هو آخِرُ اللَّيلِ، والمعنى: ما أتَى عليه وَقتُ آخِرِ اللَّيلِ عندي وما صادَفْتُه فيه إلَّا وهو نائمٌ، وهو النَّومُ الَّذي كان داودُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يَنامُه؛ فكان يَنامُ أوَّلَ اللَّيلِ، ثمَّ يَقومُ وقْتَ تَنزُّلِ اللهِ تعالَى في الثُّلُثِ الأخيرِ مِن اللَّيلِ، ثمَّ يَستدرِكُ مِن النَّومِ ما يَستريحُ به مِن نَصَبِ القِيامِ في اللَّيلِ، وهذا النَّومُ عندَ السَّحَرِ، ولَفظُ الحَديثِ في رِوايةِ البُخاريِّ مِن حَديثِ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: «وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللهِ صِيامُ داوُدَ، وكان يَنامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، ويَقومُ ثُلُثَه، ويَنامُ سُدُسَه»
وقيل: يَحتمِلُ أنَّه نَومُ ما بعْدَ رَكعتَيْ سُنَّةِ الفَجرِ حتَّى يَأتيَه المُؤذِّنُ لصَلاةِ الفَجرِ، وهو ما حَكَتْه رَضيَ اللهُ عنها في الصَّحيحَينِ: «ويَركَعُ رَكعتَينِ قبْلَ صَلاةِ الفَجْرِ، ثمَّ يَضْطَجِعُ على شِقِّه الأيمنِ حتَّى يَأتيَه المُنادي للصَّلاةِ»، وهذا النومُ أيضًا كان طَلَبًا للرَّاحةِ مِن قِيامِ اللَّيلِ، ولأجْلِ النَّشاطِ لصَلاةِ الفَجرِ
وفي الحديثِ: بَيانُ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَومِ آخِرِ اللَّيلِ قبْلَ خُروجِه لصَلاةِ الفَجرِ