حديث خادم النبي صلى الله عليه وسلم 3

مستند احمد

حديث خادم النبي صلى الله عليه وسلم 3

 حدثنا يحيى بن غيلان، حدثنا رشدين بن سعد، حدثنا بكر بن عمرو، عن عبد الله بن هبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير، أنه حدثه رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرب له طعام قال: «بسم الله» فإذا فرغ من طعامه [ص:305] قال: «اللهم أطعمت وأسقيت، وأغنيت، وأقنيت، وهديت، واجتبيت، فلك الحمد على ما أعطيت»

كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصحابَه السُّنَّةَ بأقوالِه وأفعالِه، وكانَتْ لَه أذكارٌ مَأْثورةٌ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن هذه الأذكارِ ذِكرٌ قَبْلَ الطَّعامِ، وذِكرٌ بَعدَه

وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ جُبَيرٍ أنَّ صَحابيًّا مِن صَحابةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان قد خَدَمَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَمانيَ سِنينَ، وأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا قُرِّبَ له طَعامٌ، وقَبلَ أنْ يَشرَعَ فيه قال: (بِاسمِ اللهِ) فيَذكُرُ اسمَ اللهِ عليه؛ لِفَضلِه وكَرَمِه على نِعمَتِه، وطَلَبًا لِلبَرَكةِ لِلطَّعامِ، وطَردًا لِلشَّيطانِ عنِ الطَّعامِ، وقد وَرَدَ عِندَ التِّرمِذيِّ وابنِ ماجَهْ أنَّ مَن نَسيَ ذِكرَ اسمِ اللهِ في أوَّلِ الطَّعامِ؛ وتَذَكَّرَ بَعدَ تَناوُلِه له، فليَقُلْ: (بِاسمِ اللَّهِ في أوَّلِه وآخِرِه)؛ فإنَّه يَتِمُّ بذلك الوَفاءُ بسُنَّةِ التَّسميةِ، وهذا مِن لُطفِ اللهِ ورَحمَتِه.وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا فَرَغَ وانتَهى مِن طَعامِه قال: "اللَّهُمَّ أطعَمتَ وأسقَيتَ"، أي: أنتَ الرَّازِقُ لِهذا الطَّعامِ والشَّرابِ، "وأغنَيتَ" بالشِّبَعِ والكِفايةِ، وقيلَ: هو عامٌّ لِكُلِّ غَناءٍ، "وأقنَيتَ" جَعَلتَ لِلعَبدِ قِنْيةً يَقتَنيها مِن مَتاعِ الدُّنيا؛ يَستَغْني بها إذا احتاجَ إليها، ويَحفَظُ بها حَياءَه، وقيلَ: أقْناه اللَّهُ، أيْ: رَضَّاه وأرْضاه، وقيلَ: أغناه اللَّهُ وأقْناه، أيْ: أعطاه ما يَسكُنُ إليه، وفي التَّنزِيلِ: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48]. "وهَدَيتَ" عِبادَكَ إلى كُلِّ فَلاحٍ ورُشدٍ، "واجتَبَيتَ" اختَرتَ مَن تَشاءُ لِمَن تَشاءُ، أوِ اختَرتَ لِدينِكَ ولِنُصرَتِه مَن تَشاءُ، "فلكَ الحَمدُ على ما أعطَيتَ" فلكَ وَحْدَكَ الحَمدُ والشُّكرُ باللِّسانِ والجَوارِحِ لِأجْلِ عَطاياكَ ونِعَمِكَ، والحَمدُ والشُّكرُ سَبَبٌ لِلزِّيادةِ مِنَ اللهِ

وفي الحَديثِ: الحَثُّ على ذِكرِ اللهِ على الطَّعامِ، وأنَّه سَبَبُ بَقاءِ البَرَكةِ

وفيه: تَعديدُ بَعضِ نِعَمِ اللهِ العَظيمةِ التي تَستَوجِبُ الشُّكرَ